المسلمين وأولاهم بهم من أنفسهم قولها يوم سمعت بيعة الناس له : لوددت أنّ السماء انطبقت على الأرض إن تمّ هذا.
وخالفت العقيدة الراسخة من حرمة قتال خليفة الوقت ، وليتني علمت ما ذا يكون جواب أمّ المؤمنين لو أُحفيت السؤال عن خطيئتها؟ أيّهما أعظم : إجهازها على عثمان؟ أم محاربتها الإمام أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام؟ غير أنّها اليوم وقد كشف عنها الغطاء تجيب بأنّ الخطيئة كانت واحدة مرتكزة على سنام الجمل وتحت أستار الهودج ، وهل كانت روايتها هذه لتبرير عملها الأخير وقد جعلتها معذّرة لها في ثورتها؟ أو أنّها اختُلِقتْ عليها فأخرجتها رواة السفاسف أو حملة الأضغان على البيت النبويّ الطاهر ، أو سماسرة البيت الأمويّ الذين حاولوا نشر الفضيلة لهم ولو بالأفائك؟
وكانت أمّ المؤمنين عالمة جدّا بأنّ قتل عثمان كان هيّناً عند الله ورسوله في جنب خروجها من عقر دارها ، كما قال لها جارية بن قدامة السعدي الصحابي : يا أُمّ المؤمنين والله لقتل عثمان بن عفّان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح ، إنّه قد كان لك من الله ستر وحرمة ، فهتكت سترك ، وأبحت حرمتك ، إنّه من رأى قتالك فإنّه يرى قتلك ، إن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك ، وإن كنت أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالناس (١).
ثمّ هل كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعو لعثمان بالثبات على الحقّ من اتّباع الكتاب والسنّة؟ فلما ذا لم يُستجب ذلك الدعاء فخالفهما؟ وظهر ذلك منه حتى عرفته عامّة الصحابة فأنكروه عليه حتى قتلوه.
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٥ / ١٧٦ [٤ / ٤٦٥ حوادث سنة ٣٦ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٩٠ [٢ / ٣١٨ حوادث سنة ٣٦ ه]. (المؤلف)