كلّه على الخليفة البادي بترك سنّة الله التي لا تبديل لها. قال الزرقاني في شرح الموطّأ (١) (١ / ١٤٥) : ولأحمد (٢) عن عمران : أوّل من ترك التكبير عثمان حين كبر ، وللطبري عن أبي هريرة : أوّل من تركه معاوية. ولأبي عبيد : أوّل من تركه زياد. ولا ينافي ما قبله لأنّ زياداً تركه بترك معاوية ، وكأنّه تركه بترك عثمان وقد حمله جماعة من العلماء على الإخفاء. انتهى.
وتبرير عمل عثمان بالحمل على الإخفاء يأباه صريح لفظ : ترك ، وإنّما يخبر ابن حصين عن تكبير أمير المؤمنين في الهويّ والانتصاب لا عن جهره به ، والسائل إنّما يسأله عن أوّل من تركه لا عمّن خافتَ به أوّلاً ، ويزيّفه ما يأتي عن ابن حجر (٣) والشوكاني (٤) وغيرهما من قولهم كما سمعت عن الزرقاني : كان معاوية تركه بترك عثمان. ولم يؤثر عن معاوية غير الترك والتنقيص كما يأتي حديثه بلفظ نقص ، وقد اتّبع أثر عثمان في أُحدوثته فإلى الملتقى.
نتاج البحث :
هذه نبذ قليلة نشرتها يد التاريخ الجانية بعد أن طوى كشحاً عن ذكر مهمّات ما جرى في ذلك العهد المشحون بالقلاقل ، الطافح بالفتن ، المفعم بالهنابث (٥) ، وقد عرفناه جانياً بستر تلكم الحقائق ، جنوحاً إلى العاطفة ، سائراً مع الميول ، والتاريخ حرّ يجب أن يمضي مع الواقع وأن لا يلويه مع القصد تعصبّ لأحد أو تحيّز إلى فئة ، لكن القوم لم يسيروا في سرد التاريخ كما يجب عليهم ، فطفقوا يُحرّفون الكلم عن مواضعه ،
__________________
(١) شرح الموطّأ : ١ / ١٥٩ ح ١٦٣.
(٢) مسند أحمد : ٥ / ٥٩٧ ح ١٩٣٨٠.
(٣) فتح الباري : ٢ / ٢٧٠.
(٤) نيل الأوطار : ٢ / ٢٦٨.
(٥) الهنابث : الدواهي ، واحدتها هنبثة.