نعم ؛ عائشة لا تقدر أن تسمي عليّا وتذكره بخير ، غير أنّها كانت تصيخ إلى من نال من عليّ عليهالسلام وتأنس بالوقيعة فيه ولا تنهى عنها ، كما في صحيحة رجالها كلّهم ثقات أخرجها أحمد في مسنده (١) (٦ / ١١٣) من طريق عطاء بن يسار ، قال : جاء رجل فوقع في عليّ وفي عمّار رضي الله تعالى عنهما عند عائشة ، فقالت : أمّا علي فلست قائلة لك فيه شيئاً ، وأمّا عمّار فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لا يُخيَّر بين أمرين إلاّ اختار أرشدهما».
لمَ يا أُمّاه لست قائلة شيئاً في عليّ؟ أما سمعت أُذناك من بعلك حديثاً واحداً في فضله مثل ما سمعت في عمّار؟ أما تجدين في كتاب الله ممّا نزل في عليّ ما يعادل حديثك في عمّار؟ وفضل عليّ عليهالسلام على عمّار كما قال حذيفة اليماني : فو الله لعليّ أفضل من عمّار أبعد ما بين التراب والسحاب ، وإنّ عمّاراً من الأخيار (٢).
لم يا أُمّاه لا تكرهين أن يُقذع عندك عليّ عليهالسلام ، وأنت التي كنت كارهة أن يُسبّ عندك حسّان بن ثابت؟ وقد أخبر بذلك عروة قال : كانت عائشة تكره أن يُسبّ عندها حسّان وتقول : إنّه الذي قال :
فإنّ أبي ووالده وعرضي |
|
لعرضِ محمدٍ منكم وقاءُ (٣) |
أما كانت عندك لمواقف عليّ المشكورة في مغازي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولمبيته على فراشه ليلة هجرته من مكة وقد باهى الله به ملائكته ، قيمة وكرامة مقدار بيت شعر لحسّان؟ وحسّان أنت أدرى به منّي. إي يا أُمّاه؟ شنشنة أعرفها من أخزم!
ومن رشحات ما كانت تحمله أُمّ المؤمنين بين جنبيها من الضغينة على أوّل
__________________
(١) مسند أحمد : ٧ / ١٦٣ ح ٢٤٢٩٩.
(٢) أخرجه ابن عساكر كما في كنز العمال : ٧ / ٧٣ [١٣ / ٥٣٢ ح ٣٧٣٨٥]. (المؤلف)
(٣) راجع مسند أحمد : ٦ / ١٩٧ [٦ / ٢٨٢ ح ٢٥٠٩٦]. (المؤلف)