أو أنّه كان يدعو له بالتوفيق للتوبة؟ فلما ذا لم يوفّق؟ فكلّما تاب رجع ، وكلّما عهد حنث ، حتى عرف ذلك الثائرون عليه فلم يجدوا بدّا من إعدامه.
أو أنّه كان يدعو له بالمغفرة وإن لم تكن توبته نصوحاً؟ فذلك إغراء بالجهل ، وترخيص في المعصية ، وهو محال على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أو أنّه كان يدعو له بدفع عادية الناس عنه على ما هو عليه من طاعة أو معصية؟ فهبني قلت : إنّه جائز لكن الدعاء لم يُستجب ، وما غناء بقاء رجل هو هكذا سالماً؟ وهو لا يُقتصّ أثره في صلاح ، ولا يُقتفى في طاعة ، ولا يُتّبع في خير ، وإنّما تورث سلامته تجرّياً على المعاصي وولعاً بالميول والشهوات.
أو أنّه كان يدعو له باليسار والثروة ليرغد عيشه ويُرغد عيش من لفّ لفّه واحتفّ به ولو كان بالأثرة لنفسه وذويه على المسلمين عامة متعدّياً حدود الله المأثورة في الأموال والصدقات؟ فهل الدعاء لمثل هذا جائز في الشريعة؟ وهل يستسيغ العقل السليم الدعاء للحصول على المآثم.
أو أنّه كان يدعو له بنيل الخلافة؟ وهذا إن صحّ فقد استجيب ، غير أنّ النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بواسع علم النبوّة بصيراً بما يؤول إليه أمر الرجل وينوء به ممّا لا تحمده شريعة أو عقيدة ، ولا يستتبع خلافته إلاّ وهناً في الدين ، وذهاباً لأبّهة الإمامة ، وقلقاً في مستوى الإسلام وعاصمة النبوّة ، وتعكيراً لصفو الألفة بين أفراد المسلمين ، وفتّا في عضدهم ، وهواناً على صلحاء الأُمّة في الحواضر الإسلاميّة ، وتعطيلاً للأحكام ، وتعدّياً للحدود ، ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظالمون ، وكلّ هذه ممّا عرفته منه الصحابة فتألّبوا عليه ، فما كان حاجة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في خليفة هو هكذا؟
هذه محتملات الدعاء المزعوم ، ولنا هاهنا مساءلة أخرى عن السبب الموجب لهذا الدعاء أوّلاً وعن ظرفه ثانياً ، أهل كان الموجب له أعماله السابقة على الدعاء؟ أو