سعيد ثانية فكتب في تسييرهم إلى حمص فنزلوا الساحل. الأنساب (١) (٥ / ٣٩ ـ ٤٣).
صورة مفصّلة :
إنّ عثمان أحدث أحداثاً مشهورة نقمها الصحابة عليه من تأمير بني أُميّة ولا سيّما الفسّاق منهم وأرباب السفه وقلّة الدين ، وإخراج مال الفيء إليهم وما جرى في أمر عمّار وأبي ذر وعبد الله بن مسعود وغير ذلك من الأُمور التي جرت في أواخر خلافته ، ثمّ اتّفق أنّ الوليد بن عقبة لمّا كان عاملاً على الكوفة وشُهِد عليه بشرب الخمر صرفه وولّى سعيد بن العاص مكانه ، فقدم سعيد الكوفة واستخلص من أهلها قوماً يسمرون عنده ، فقال سعيد يوماً : إنّ السواد بستان لقريش وبني أُميّة ، فقال الأشتر النخعي : وتزعم أنّ السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك ولقومك؟ فقال صاحب شرطته : أتردّ على الأمير مقالته؟ وأغلظ له ، فقال الأشتر لمن حوله من النخع وغيرهم من أشراف الكوفة : ألا تسمعون؟ فوثبوا عليه بحضرة سعيد فوطؤه وطأً عنيفاً وجرّوا برجله ، فغلظ ذلك على سعيد وأبعد سمّاره ، فلم يأذن بعدُ لهم فجعلوا يشتمون سعيداً في مجالسهم ثمّ تعدّوا ذلك إلى شتم عثمان ، واجتمع إليهم ناس كثير حتى غلظ أمرهم ، فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم فكتب إليه أن يسيّرهم إلى الشام لئلا يفسدوا أهل الكوفة وكتب إلى معاوية وهو والي الشام : إنّ نفراً من أهل الكوفة قد همّوا بإثارة الفتنة وقد سيّرتهم إليك ، فانهَهم ، فإن آنست منهم رشداً فأحسن إليهم وارددهم إلى بلادهم. فلمّا قدموا على معاوية ، وكانوا : الأشتر ، ومالك بن كعب الأرحبي ، والأسود بن يزيد النخعي ، وعلقمة بن قيس النخعي ، وصعصعة بن صوحان العبدي وغيرهم ، جمعهم يوماً وقال لهم :
إنّكم قوم من العرب ذوو أسنان وألسنة وقد أدركتم بالإسلام شرفاً وغلبتم
__________________
(١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٥١ ـ ١٥٦.