حدّا استساغوا القتل دون ما يرونه ، وأبوا أن يتحوّلوا عن عقائدهم ، وبرز الذين كُتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ، فاستمرؤوا جُرع الموت في سبيلها زعافاً ممقراً.
ـ ١١ ـ
حديث عبد الرحمن بن حسّان العنزي الكوفي
لمّا قُتل حجر بن عدي سلام الله عليه وخمسة من أصحابه رضوان الله عليهم ، قال عبد الرحمن بن حسّان وكريم بن عفيف الخثعمي ـ وكانا من أصحاب حجر ـ : ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين ، فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته. فبعثوا إلى معاوية فأخبروه ، فبعث : ائتوني بهما. فالتفتا إلى حجر ، فقال له العنزي : لا تبعد يا حجر ولا يبعد مثواك ، فنعم أخو الإسلام كنت. وقال الخثعمي نحو ذلك ، ثمّ مضى بهما فالتفت العنزي ، فقال متمثّلاً :
كفى بشفاة القبر بُعداً لهالك |
|
وبالموت قطّاعاً لحبلِ القرائن |
فلمّا دخل عليه الخثعمي قال له : الله الله يا معاوية إنّك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ، ومسؤول عمّ أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا. فقال : ما تقول في عليّ؟ قال : أقول فيه قولك ، أتتبرّأ من دين عليّ الذي كان يدين الله به؟ وقام شمر بن عبد الله الخثعمي فاستوهبه ، فقال : هو لك ، غير أنّي حابسه شهراً ، فحبسه ، ثمّ أطلقه على أن لا يدخل الكوفة ما دام له سلطان ، فنزل الموصل فكان ينتظر موت معاوية ليعود إلى الكوفة ، فمات قبل معاوية بشهر.
وأقبل على عبد الرحمن بن حسّان ، فقال له : يا أخا ربيعة ما تقول في عليّ؟ قال : أشهد أنّه من الذاكرين الله كثيراً والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر