ـ ٢٥ ـ
حديث عمرو بن العاصي
الذي عرّفناكه في (٢ / ١٢٠ ـ ١٧٦)
أخرج الطبري من طريق أبي عون مولى المسور ، قال : كان عمرو بن العاصي على مصر عاملاً لعثمان فعزله عن الخراج ، واستعمله على الصلاة ، واستعمل عبد الله ابن سعد على الخراج ، ثمّ جمعهما لعبد الله بن سعد ، فلمّا قدم عمرو بن العاصي المدينة جعل يطعن على عثمان ، فأرسل إليه يوماً عثمان خالياً به ، فقال : يا ابن النابغة ما أسرع ما قمل به جربّان جبّتك! إنّما عهدك بالعمل عاماً أوّل ، أتطعن عليّ وتأتيني بوجه وتذهب عنّي بآخر؟ والله لو لا أكلة ما فعلت ذلك. فقال عمرو : إنّ كثيراً ممّا يقول الناس وينقلون إلى ولاتهم باطل ، فاتّق الله يا أمير المؤمنين في رعيّتك ، فقال عثمان : والله لقد استعملتك على ظلعك وكثرة القالة فيك ، فقال عمرو : قد كنت عاملاً لعمر بن الخطّاب ، ففارقني وهو عنّي راضٍ ، فقال عثمان : وأنا والله لو آخذتك بما آخذك به عمر لاستقمت ولكنّي لنت عليك فاجترأت عليّ ، أمّا والله لأنا أعزّ منك نفراً في الجاهليّة ، وقبل أن ألي هذا السلطان ، فقال عمرو : دع عنك هذا ، فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهدانا به ، قد رأيت العاصي بن وائل ورأيت أباك عفّان ؛ فو الله للعاصي كان أشرف من أبيك (١). فانكسر عثمان وقال : مالنا ولذكر الجاهليّة.
وخرج عمرو ، ودخل مروان فقال : يا أمير المؤمنين ، وقد بلغت مبلغاً يذكر عمرو بن العاصي أباك! فقال عثمان : دع هذا عنك ، من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه.
قال : فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه ، يأتي عليّا مرّة فيؤلّبه على
__________________
(١) ليت شعري ما مكانة عفّان من الشرف إن كان يفضل عليه العاصي الساقط الشرف بقوله تعالى : (إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتَر) كما مرّ تفصيله في الجزء الثاني : ص ١٢٠. (المؤلف)