الله ، فإنّك على دنيا فاستتمّ إليها معها آخرة ، ولا تلبس (١) نصيبك من الآخرة ، فلا تسوغ لك الدنيا ، واعلم أنّا والله لله نغضب وفي الله نرضى ، وإنّا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبة مصرّحة أو ضلالة مجلّحة مبلّجة ، فهذه مقالتنا لك وقضيّتنا إليك ، والله عذيرنا منك. والسلام.
عهد الخليفة على نفسه أن يعمل بالكتاب والسنّة وذلك في سنة (٣٥ ه):
أخرج البلاذري من رواية أبي مخنف في الأنساب (٢) (٥ / ٦٢): إنّ المصريّين وردوا المدينة فأحاطوا وغيرهم بدار عثمان في المرّة الأولى. إلى أن قال : وأتى المغيرة ابن شعبة [عثمان] (٣) فقال له : دعني آت القوم فأنظر ما يريدون ، فمضى نحوهم ، فلمّا دنا منهم صاحوا به : يا أعور وراءك ، يا فاجر وراءك ، يا فاسق وراءك. فرجع ، ودعا عثمان عمرو بن العاص فقال له : ائت القوم فادعهم إلى كتاب الله والعتبى ممّا ساءهم. فلمّا دنا منهم سلّم فقالوا لا سلّم الله عليك ، ارجع يا عدوّ الله ، ارجع يا ابن النابغة فلست عندنا بأمين ولا مأمون ، فقال له ابن عمر وغيره : ليس لهم إلاّ عليّ بن أبي طالب. [فبعث عثمان إلى عليّ] (٤) فلمّا أتاه قال : يا أبا الحسن ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه. قال : «نعم إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أنّك تفي لهم بكلّ ما أضمنه عنك» ، قال : نعم. فأخذ عليّ عليه عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ ، وخرج إلى القوم فقالوا : وراءك. قال : «لا ، بل أمامي ، تُعطون كتاب الله وتُعتبون من كلّ ما سخطتم» ، فعرض عليهم ما بذل عثمان ، فقالوا : أتضمن ذلك عنه؟ قال : «نعم». قالوا : رضينا. وأقبل وجوههم وأشرافهم مع عليّ حتى دخلوا على
__________________
(١) كذا ، ولعلّه : لا تنس نصيبك ، أخذاً من القرآن الكريم. (المؤلف)
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٧٩.
(٣) الزيادة من المصدر.
(٤) أنساب الأشراف : ٦ / ١٧٩.