لا يجوز الاحتجاج به. وفي لسان الميزان (١) (٦ / ٧٩٤) قال : أبو حاتم (٢) : ليس بالقويّ.
نظرة في أحاديث العهد
هذه سلسلة روايات أصفق على وضعها دجّالون تتراوح أسانيدها بين أُموي وشامي وبصري ، وبين عثماني متحامل على سيّد العترة ، وبين أُناس آخرين من ضعيف إلى كذّاب إلى متروك إلى ساقط. على أنّ متونها أكثر عللاً من أسانيدها فإنّ الخضوع لصحّتها يستدعي الوقيعة في الصحابة كلّهم ؛ لأنّ المنصوص عليه في غير واحد منها أنّ الذين أجلبوا على عثمان وأرادوا خلعه أُناس منافقون ، وفي بعضها : فإنّ عثمان يومئذٍ وأصحابه على الحقّ ، وعليكم بالأمين وأصحابه. وقد علمت أنّ المتجمهرين عليه هم الصحابة كلّهم المهاجرون منهم والأنصار ما خلا ثلاثة : زيد بن ثابت ، حسّان بن ثابت ، أسيد الساعدي. أو : هم وكعب بن مالك ، وأُناس من زعانفة الأمويّين ، وأين هذا من الاعتقاد بعدالتهم جمعاء كما عند القوم؟ ومن الخضوع لجلالة كثيرين منهم الذين علمت منهم نواياهم الصالحة ، وأعمالهم البارّة ، والنصوص النبويّة الصادرة فيهم ، وثناء الله تعالى عليهم في كتابه الكريم كما عند الأُمّة أجمع؟
ثمّ إنّ عثمان وإن كان يتظاهر بامتثال الأمر الموجود في هذه الروايات وغيرها بالصبر وعدم القتال ، غير أنّ عمله كان مبايناً لذلك لمكاتبته إلى الأوساط الإسلاميّة يستجلب منها الجيوش لمقاتلة أهل المدينة ، ويرى قتالهم قتال الأحزاب يوم بدر ، وينصّ على أنّ القوم قد كفروا ، فلو اتّصلت به كتائب الأمداد يومئذٍ لألقحها حرباً زبوناً وفتنةً عمياء ، وإنّما كان ينكص عن النضال لإعواز الناصر لإصفاق الصحابة عليه عدا أُولئك الثلاثة وما كانوا يغنون عنه شيئاً ، ولا سيّما حسان بن ثابت الذي لم يكن يجسر أن يأخذ سلب القتيل الذي قتلته امرأة (٣).
__________________
(١) لسان الميزان : ٧ / ٤٦٩ رقم ٥٤٥٤.
(٢) الجرح والتعديل : ٧ / ٢٤٢ رقم ١٣٢٧.
(٣) راجع الجزء الثاني من كتابنا هذا : ص ٦٤. (المؤلف)