الواحدي (١) : أنّ الله أنزل بسبب ذلك في حقّ عثمان : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وعن أبي سعيد الخدري قال : ارتقبت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة من أوّل الليل إلى أن طلع الفجر يدعو لعثمان بن عفان يقول : اللهمّ عثمان بن عفان رضيتُ عنه فارض عنه ، فما زال رافعاً يديه حتى طلع الفجر. وعن جابر بن عطيّة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : غفر الله لك يا عثمان ما قدّمتَ وما أخّرتَ ، وما أسررتَ وما أعلنتَ ، وما أخفيتَ وما أبديتَ ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ... إلخ.
هذه بلايا تمنّتها يد الغلو في الفضائل ، مُنيت بها الأُمّة ، وطمست تحت أطباقها حقائق العلم والدين ، وانطمست بها أنوار الهداية ، وستعرف أنّها روايات مختلقة زيّفتها نظّارة التنقيب ولا يصحّ منها شيء ، غير أنّ المفتي دحلان على مطمار (٢) قومه أرسلها إرسال المسلّم ، وموّهها على أغرار الملأ الدينيّ ، ولا يجد عن سردها منتدحاً ، ذلك مبلغهم من العلم إن هم إلاّ يظنّون ، (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (٣).
الفتنة الكبرى :
واقرأ صحيفة من الفتنة الكبرى للدكتور طه حسين : قال في بدء كتابه (٤) : هذا حديث أُريد أن أخلصه للحقّ ما وسعني إخلاصه للحقّ وحده ، وأن أتحرّى فيه الصواب ما استطعت إلى تحرّي الصواب سبيلا ، وأن أحمل نفسي فيه على الإنصاف لا أحيد عنه ولا أمالئ فيه حزباً من أحزاب المسلمين على حزب ، ولا أُشايع فيه
__________________
(١) أسباب النزول : ص ٥٥.
(٢) يقال : جاء الرجل على مطمار أبيه أي جاء يشبهه في خلْقه وخلُقه.
(٣) الإسراء : ٣٦.
(٤) المجموعة الكاملة لمؤلّفات طه حسين ـ الفتنة الكبرى ـ : مج ٤ / ١٩٩.