الوزغ ، اللعين ابن اللعين» ، مروان بن الحكم كان يؤثّر في نفسيّات الخليفة حتى يحوّله كما قال مولانا أمير المؤمنين (٢) عن دينه وعقله ، ويجعله مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به. فلم يزل به حتى أربكه عند منتقض العهود ومنتكث المواثيق ، فأورده مورد الهلكة. وعجيب من الخليفة أن يتأثّر بتسويلات الرجل وهو يعلم محلّه من الدين وموقفه من الإيمان ، ومبوّأه من الصدق والأمانة ، وهو يعلم أنّه هو وزبانيته هم الذين جرّوا عليه الويلات وأركبوه النهابير ، وأنّهم سيوردونه ثمّ لا يصدرونه ، يعلم ذلك كلّه وهو بين الناب والمخلب وفي منصرم الحياة ، ومع ذلك كلّه لا يزال مقيماً على هاتيك الوساوس المروانيّة ، فيا للعجب.
وأعجب من ذلك أنّه مع هذا التأثّر يتّخذ نصح الناصحين له كمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وكثير من الصحابة العدول بأعتاب الناس ورفض تمويهات مروان الموبقة له ظهريّا فلا يُعير لهم بعد تمام الحجّة وقطع سُبل المعاذير أُذناً واعية ، وهو يعلم أنّهم لا يعدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويدعونه إلى ما فيه نجاته ونجاح الأُمّة.
لفت نظر : وقع في عدّ أيّام حصار عثمان خلاف بين المؤرّخين فقال الواقدي : حاصروه تسعة وأربعين يوماً. وقال الزبير : حاصروه شهرين وعشرين يوماً. وفي رواية أنّهم حصروه أربعين ليلة. وقال ابن كثير : استمرّ الحصر أكثر من شهر. وقيل : بضعاً وأربعين. وقال الشعبي : كانت مدّته اثنتين وعشرين ليلة. وفي رواية للطبري : كان الحصر أربعين ليلة والنزول سبعين. وفي بعض الروايات : حصروه عشرين يوماً بعد قضيّة جهجاه المذكورة (ص ١٢٣) إلى أقوال أخرى ، ولعلّ كلاّ منها ناظر إلى ناحية من مدّة أيّام الحصارين أو مدّة أحدهما ، ومن مدّة نزول المتجمهرين حول داره ، ومن أيّام ضاق عليه الخناق ، ومُنِع من إدخال الماء عليه ،
__________________
(٢) راجع ما مضى في هذا الجزء صفحة : ١٧٤. (المؤلف)