في القضيّة على المسلم النابه وهي لا تخلو عن وجهين ، فإنّ عثمان إن كان إماماً عادلاً قائماً بالقسط عاملاً بالكتاب والسنّة مرضيّا عند الله ، فالخروج عليه معلوم الحكم عند جميع فرق المسلمين لا يختلف فيه اثنان ، ولا تشذّ فئة عن فئة ، وإن لم يكن كذلك وكان كما حسبه أُولئك العدول من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومرّت آراؤهم ومعتقداتهم فيه فالحكم أيضاً بيّن مبرهن بالكتاب العزيز كما استدلّ بذلك الثائرون عليه لمّا قال لهم : لا تقتلوني فإنّه لا يحلّ إلاّ قتل ثلاثة : رجل زنى بعد إحصانه ، أو كفر بعد إسلامه أو قتل نفساً بغير نفس فيقتل بها. فقالوا : إنّا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميّت : قتل من سعى في الأرض فساداً ، وقتل من بغى ثمّ قاتل على بغيه ، وقتل من حال دون شيء من الحقّ ومنعه ثمّ قاتل دونه وكابر عليه ، وقد بغيت ، ومنعت الحقّ ، وحلت دونه وكابرت عليه. الحديث. راجع (ص ٢٠٥).
فنحن لا نعرف وجهاً للحياد كما ذهب إليه ابن أبي وقّاص في القضيّة وفي المواقف الهائلة بعدها ، فالحياد ـ وإن راق الدكتور ـ تقاعد عن حكم الله ، وتقاعس عن الواجب الدينيّ ، وخروج عمّا قرّرته الحنيفيّة البيضاء ، نعم ، الحياد حيلة أُولئك المتشاغبين المتقاعدين عن بيعة إمام المتّقين أمير المؤمنين ، المتقاعسين عن نصرته ، المتحايدين عن حكم الكتاب والسنّة في حروبه ومغازيه ، وعذر تترّس به سعد بن أبي وقّاص وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وأبو موسى الأشعري ومحمد بن مسلمة السابقون الأوّلون من رجال الحياد الزائف ، والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.
كتاب : عثمان بن عفّان
واعطف على كتاب عثمان بن عفّان للمدرّس في كلّية اللغة العربيّة بمصر الأستاذ صادق إبراهيم عرجون نظرة ممعنة حيث يقول في فاتحته : فهذا طراز من البحث في سيرة ثالث الراشدين عثمان رضى الله عنه ، صوّرت به حياته صورة لا أعيذها من