دأبه واجتهاده حتى قضي الأمر ، وأُزيحت المثلات ، وما نبزوه به من الافتعال والتزوير هو حرفة كلّ عاجز ، ولعلّه دُبّر في الأزمنة الأخيرة كما دُبّرت أمثاله في كلّ من الثائرين على عثمان ستراً على الحقائق الراهنة.
وهل من المستبعد أن تكتب في التأليب على عثمان صاحبة قول : اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً إنّه قد كفر. [وقائلة : وددت والله أنه في غرارةٍ من غرائري هذهِ وأني طوّقت حمله حتى ألقيه في البحر] (١) وقائلة : وددت والله أنّك ـ يا مروان ـ وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كلّ واحد منكما رحاً وأنّكما في البحر. وقائلة : بُعداً لنعثل وسحقاً. وقائلة : أبعده الله ، ذلك لما قدّمت يداه وما الله بظلاّم للعبيد. وقائلة : يا ابن عبّاس إنّ الله قد آتاك عقلاً وفهماً وبياناً فإيّاك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية.
وهي كانت في الرعيل الأوّل من الثائرين على عثمان بشتّى الحيل والطرق الثائرة.
هب أنّهم بهتوا القوم بتلكم الأفائك لكن هل يسعهم إنكار تألّبهم على الخليفة يومئذ؟ وقد التزموا بعدالتهم ، والصحاح والمسانيد مشحونة بالاحتجاج بهم والإخراج عنهم ، نعم غاية ما يمكّنهم من التقوّل الحكم بالخطإ في الاجتهاد شأن كلّ متقابلين في حكم شرعيّ ، وليس تحكّمهم هذا بأرجح من رأي من يرى أنّهم أصابوا في الاجتهاد وإجماع الصحابة يومئذ كان معاضداً لهم ، وهم يقولون : إنّ أُمّة محمد لا تجتمع على خطأ.
ـ ٣١ ـ
حديث عمرو بن زرارة النخعي
أدرك عصر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
قال البلاذري وغيره : إنّ أوّل من دعا إلى خلع عثمان والبيعة لعليّ عمرو بن زرارة بن قيس النخعي ، وكميل بن زياد بن نهيك النخعي ، فقام عمرو بن زرارة
__________________
(١) ساقط من الطبعة الثانية وأثبتناه من الأُولى.