الحرب بنفسها ، وعاشرت الرجال الأجانب ، ونبذت الكتاب وراء ظهرها ، ولم ترعَ لبعلها حرمة ولا كرامة.
وخالفت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في نواهيه المتعاقبة عن خصوص موقف الجمل كما مرّت في الجزء الثالث (ص ١٨٨ ـ ١٩١) ، وعن مطلق مناوأة أمير المؤمنين عليهالسلام ومحاربته فيما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مستفيضاً كما أسلفنا نزراً منه في (١ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ و ٢ / ٣٠٠ ـ ٣٠٣ و ٣ / ٢٦ ، ١٨٢ ـ ١٨٨ و ٤ / ٣٢٢ ـ ٣٢٥).
نعم ؛ خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في وصاياه المؤكّدة لوصيّه الطاهر ، حتى جاء في حديث معمّر : عائشة كانت لا تطيب نفساً لعليّ بخير. وفي حديث آخر : لكنّها لا تقدر على أن تذكره بخير (١).
والحديث صحيح رجاله كلّهم ثقات ، أخرجه أحمد في مسنده (٢) (٦ / ٢٢٨) ، من طريق معمّر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ؛ أنّ عائشة أخبرته ، قالت : أوّل ما اشتكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيت ميمونة ، فاستأذن أزواجه أن يمرّض في بيتها ، فأُذن له ، قالت : فخرج ويدٌ له على الفضل بن عبّاس ، ويدٌ على رجل آخر ، وهو يخطّ برجليه في الأرض. قال عبيد الله : فحدّثت به ابن عبّاس فقال : أتدرون من الرجل الآخر الذي لم تسمّ عائشة؟ هو عليّ ، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً.
وأخرجه البخاري (٣) في صحيحه في باب حدّ المريض أن يشهد الجماعة ، غير أنّه حذف منه قول ابن عبّاس : ولكنّ عائشة لا تطيب له نفساً. وهذا شأن البخاري في كلّ ما لا يروقه.
__________________
(١) فتح الباري : ٢ / ١٢٣ [٢ / ١٥٦]. (المؤلف)
(٢) مسند أحمد : ٧ / ٣٢٦ ح ٢٥٣٨٦.
(٣) صحيح البخاري : ١ / ٢٣٧ ح ٦٣٤.