إرسال المسلّم ذاهلين عن أنّ في ذكر إسماعيل بن عبد الملك كفاية من عرفان بقيّة رجاله. قال ابن عمّار وأبو داود : ضعيف. وقال (١) ابن الجارود وابن معين والنسائي وأبو حاتم : ليس بالقوي. وقال عبد الرحمن بن مهدي : أُضرب على حديثه. وقال الفلاس وأبو موسى : كان عبد الرحمن ويحيى لا يحدّثان عنه. وقال ابن حبّان (٢) : كان يقلّب ما يروي (٣).
وأنا لا أدري أنّ عائشة متى روت هذه الرواية ، قبل تكفيرها الرجل وتأليب الناس عليه ، ثمّ نسيتها؟ وسرعان ما تنسى أُمّ المؤمنين ما حفظته كما نسيت أقوال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لها في مُناوأة أمير المؤمنين عليهالسلام وعن كلاب الحوأب ونباحها ، أم أنّها روتها حين كانت تثير العواطف على عثمان وترهج عليه نقع الحروب حتى أوردته موارد الهلكة؟ فاعجب إذن بالمناقضة بين روايتها وعملها دواليك وهي صحابيّة عادلة أُمّ الصحابة العدول كما يزعمون.
أم أنّها أسندتها بعد تلكم المعامع؟ بعد أن سوّل لها الناكثان النهضة للطلب بثاراته فخرجا يجرّان حرمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما تُجرّ الأمة عند شرائها متوجهين بها إلى البصرة ، فحبسا نساءهما في بيوتهما ، وأبرزا حبيس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن خدرها (٤) فثارت لتتدارك ذلك الحوب بما هو أكبر منه ، فخالفت القرآن الكريم فيما خصّ زوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) (٥) فكان من استقرارها في بيتها أن ركبت الجمل وقادت العساكر ، وباشرت
__________________
(١) التاريخ : ٣ / ٣٠٣ رقم ١٤٣٧ ، كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٤٩ رقم ٣٥ ، الجرح والتعديل : ٢ / ١٨٦ رقم ٦٢٩.
(٢) كتاب المجروحين : ١ / ١٢١.
(٣) تهذيب التهذيب : ١ / ٣١٦ [١ / ٢٧٦]. (المؤلف)
(٤) راجع ما مضى في هذا الجزء : ص ١٠٦. (المؤلف)
(٥) الأحزاب : ٣٣.