قسطاً فيمن يعزو إلى بعلك المقدّس ممّا يُربي بنفسه عنه كلّ سافل ساقط ، ويقولون : إنّ رجلاً لم ير عورته قطّ أحد حتى حليلته ، وأنت من أطلع الناس على خلواته وسرّيّاته ، كان يحمل الحجر بين العمّال عارياً وقد حلّ إزاره وجعله على منكبيه!
أيّهما صحيح عنك يا أُمّ المؤمنين ممّا أسندوه إليك؟ أحديثك هذا؟ أم ما حدّثتِ به ـ إن كنتِ حدّثتِ به ـ من حديث عثمان مشفوعاً بما ثبت عن بعلك صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنّ الفخذ عورة؟
وكأنّي بأُمّ المؤمنين تقول : حسبك أيّها السائل لقد مُنيتُ بالكذّابة كما مُني بها بعلي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبلي ، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) (١).
وسيعلم المبطلون غبّ ما فرّطوا في جنب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غلوّا في فضائل أُناس آخرين ، ونعم الحكم الله غداً والخصيم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ليت شعري هل كانت عائشة تعتقد باستقرار ملكة الحياء في عثمان في كلّ تلك المدّة التي روت عن أولياتها حديث الفخذين ، وطفقت في أُخرياتها تثير الناس على عثمان وتقول فيه تلكم الكلم القارصة الفظّة التي أسلفناها في هذا الجزء صفحة (٧٧ ـ ٨٦) ولم تفتأ حتى أوردته حياض المنيّة؟ وهل كانت ترى استمرار حياء الملائكة منه طيلة ما بين الحدّين؟! أو أنّها ترتئي انفصام عراه بتقطّع حلقات ما أثبتت له من ملكة الحياء؟ ولذلك قلبت عليه ظهر المجن ، فإن كان الأوّل فما المبرّر للهجاته الأخيرة؟ وإن كان غيره فالحديث باطل أيضاً لأنّ تبجيل عالم الملكوت لا يكون إلاّ على حقيقة مستوعبة لمدّة حياة الإنسان كلّها ، والتظاهر بالفضل المنصرم لا حقيقة له تكبرها الملائكة وتستحي من جهتها ، هذا إن لم تُعد أمّ المؤمنين علينا جوابها الأوّل مرّة أخرى من أنّها مُنيت بالكذّابة ، كما أنّه جوابها المطّرد في كلّ ما يُروى عنها من فضل عثمان ، وأنّها كلّها من ولائد عهد معاوية المحشوّ بالأكاذيب والمفتريات طمعاً في رضائخه.
__________________
(١) الكهف : ٥.