عن عورته ، فكيف هو بنفسه؟
جاء في السير في قصّة الغار ، أنّ رجلاً كشف عن فرجه وجلس يبول ، فقال أبو بكر : قد رآنا يا رسول الله ، قال : «لو رآنا لم يكشف عن فرجه». فتح الباري (١) (٧ / ٩).
وأعجب من الكلّ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يرى لعورة الصغير حرمة كما جاء في صحيح أخرجه الحاكم في المستدرك (٢) (٣ / ٢٥٧) من طريق محمد بن عياض ، قال : رفعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صغري وعليّ خرقة وقد كشفت عورتي ، فقال : «غطّوا حرمة عورته فإنّ حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير ، ولا ينظر الله إلى كاشف عورة».
وأنّى يصحّ حديث الشيخين إن صحّ ما مرّ عن ابن هشام (ص ٢٨٦) من قصّة لعبه صلىاللهعليهوآلهوسلم مع الغلمان في صغره وقد حلّ إزاره وجعله على رقبته ، إذ لكمه لاكم فأوجعه ، وهتف بقوله : شدّ عليك إزارك. أبعد تلكم اللكمة وذلك الهتاف عاد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ما نُهي عنه لمّا كبر وبلغ مبلغ الرجال؟
وكيف يتّفق حديث الشيخين مع ما أخرجه البزّار من طريق ابن عبّاس قال : كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يغتسل وراء الحجرات وما رأى أحد عورته قطّ. وقال : إسناده حسن (٣). وأبلغ من ذلك ما رواه القاضي عياض في الشفا (٤) (١ / ٩١) عن عائشة قالت : ما رأيت فرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قطّ.
كوني أنتِ يا أُمّ المؤمنين حكماً عدلاً بيننا وبين رواة السفاسف ، واحكمي
__________________
(١) فتح الباري : ٧ / ١١.
(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٨٨ ح ٥١١٩.
(٣) راجع فتح الباري : ٦ / ٤٥٠ [٦ / ٥٧٧] ، شرح المواهب للزرقاني : ٤ / ٢٨٤. (المؤلف)
(٤) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ١٥٩.