أو مخالفته الكتاب والسنّة؟ كما كتب المهاجرون الأوّلون وبقيّة الشورى إلى من بمصر من الصحابة والتابعين : أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يُسلبَها أهلُها فإنّ كتاب الله قد بُدّل ، وسنّة رسوله قد غُيّرت (١). وكتبوا إلى الصحابة في الثغور : إنّ دين محمد قد أفسده من خلفكم وترك ، فهلمّوا فأقيموا دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. ورفعت عائشة نعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي تقول : تركت سنّة رسول الله صاحب هذا النعل. وتقول : ما أسرع ما تركتم سنّة نبيّكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعدُ. وتقول : عثمان قد أبلى سنّة رسول الله. وتقول : اقتلوا نعثلاً ، قتل الله نعثلاً إنّه قد كفر. إلى كلمات أخرى لها ولغيرها في مخالفة الرجل الكتاب والسنّة.
أو إعرابه عن تلكم الآراء الشاذّة عن الكتاب والسنّة في الصلاة والصّلات والصدقات والأخماس والزكوات والحجّ والنكاح والحدود والديات بلهجة شديدة بمثل قوله : هذا رأي رأيته؟ وقوله : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أُنوف أقوام ، هذا مال الله أُعطيه من شئت وأمنعه من شئت فأرغم الله أنف من رغم. فقال له عليّ : «إذن تُمنع من ذلك ويحال بينك وبينه». وقال عمّار : أُشهد الله أنّ أنفي أوّل راغم من ذلك. أو قال : أنا والله أوّل من رغم أنفه من ذلك.
راجع صفحة (١٥) من هذا الجزء.
أو حثّه الناس على الأخذ بتلكم الآراء المنتئية عن ناموس الإسلام المقدّس حتى قال له أمير المؤمنين ، لمّا قال له عثمان : لا تراني أنهى الناس عن شيء وتفعله أنت ، «ولم أكن لأدع سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقول أحد من الناس» أو قال له : «لم أكن لأدع قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقولك» وكاد أمير المؤمنين يُقتل من جرّاء تلك الأحدوثة؟ مرّ حديثه في (٦ / ٢١٩ و ٨ / ١٣٠).
وقد فتح بذلك باب الجرأة على الله والتقوّل عليه بمصراعيه ، فجاء بعده معاوية
__________________
(١) راجع ما مرّ : ص ١٦٢ من هذا الجزء. (المؤلف)