(ص ٢٠ ـ ٢٨) جلدة ما بين عيني رسول الله وأنفه ، وهو الطيّب المطيّب ، ملئ إيماناً من قرنه إلى قدمه ، اختلط الإيمان بلحمه ودمه ، يدور مع الحقّ حيث دار ، وقد جاء الثناء عليه في الذكر الحكيم.
إذا كان حقّا ما يدّعيه عثمان لنفسه (١) من أنّه لم يمسّ فرجه قط بيمينه منذ بايع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تشريفاً ليد النبيّ الكريمة. فليت شعري لما ذا طفق يلوك بلسانه اسم أير ياسر أبي عمّار؟ وطالما لهج بأحاديث النبوّة به ، ورتّل كتاب الله ترتيلاً ، أما كان عليه أن يكفّ لسانه عن البذاءة كرامةً للكتاب والسنّة ، كما ادّعى كلاءة نفسه عن مسّ فرجه كرامة ليد النبوّة؟ إن لم يُداحمنا (٢) هنالك من يُنكر دعواه في اليد قياساً على ما شوهد منه في اللسان مرّة بعد أخرى.
أيصلح شاهداً لذلك قوله على صهوة المنبر بين ملأ المسلمين في ابن مسعود لمّا قدم المدينة : ألا إنّه قد قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي على طعامه يقيء ويسلح؟ وابن مسعود أحد الذين أطراهم الكتاب العزيز ، وكان أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هدياً ودلاّ وسمتاً. راجع ما مرّ في هذا الجزء (ص ٣ ـ ١١).
أو قوله لعبد الرحمن بن عوف : إنّك منافق (٣)؟ وهو أحد العشرة المبشّرة فيما يحسبون.
أو قوله لصعصعة بن صوحان : البجباج النفّاج؟ وهو ذلك السيّد الخطيب الفصيح الديّن. كما مرّ في (ص ٤٣) من هذا الجزء.
أو شتمه المغيرة بن الوليد المخزومي لمّا دافع عن عمّار حينما ضربه عثمان حتى غُشي عليه؟
__________________
(١) يأتي حديثه بتمامه. (المؤلف)
(٢) الدحم : الدفع الشديد ، وداحمه : دافعه بشدة.
(٣) السيرة الحلبية : ٢ / ٨٧ [٢ / ٧٨] ، الصواعق : ص ٦٨ [ص ١١٤]. (المؤلف)