إذن هلمّ معي لنسبر حياة الخليفة ـ عثمان ـ علّنا نجد فيها ما يصحّ للبرهنة على ثبوت هذه الملكة له إن لم يُكفِئنا الإياس منها بخفّي حنين ، فارجع البصر كرّتين فيما سردناه من أفعال الخليفة وتروكه ومحاوراته وأقواله ، ثمّ انظر هل تجد في شيء منها ما يدعم هذه الدعوى له فضلاً عن أن يكون أحيا الناس ، أو أشدّ الأُمّة حياءً ، أو تستحيي منه الملائكة؟
أيصلح شاهداً لذلك قوله لمولانا أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام : والله ما أنت عندي أفضل من مروان؟ هلاّ كان يعلم أنّ الله عدّ عليّا في كتابه نفس النبيّ الأقدس وقد طهّره بنصّ الذكر الحكيم ، ومروان طريد ابن طريد ، وزغ ابن وزغ ، لعين ابن لعين؟ راجع الجزء الثامن (ص ٢٦٠).
أو اتّهامه ذلك الإمام الطاهر سيّد العترة بكتاب كتبه هو في قتل محمد بن أبي بكر وأصحابه وتعذيبهم وتنكيلهم ، فينكر ما كتب ويقول له عليهالسلام : أتّهمك وأتّهم كاتبي مروان؟!
أو قوله للإمام عليهالسلام : لئن بقيت لا أعدم طاغياً يتّخذك سُلّماً وعضداً ويعدّك كهفاً وملجأ؟ أو قوله له عليهالسلام لمّا كلّمه في أمر عمّار ونفيه إيّاه : أنت أحقّ بالنفي منه؟
أو قوله لأصحابه مروان ومن كان على شاكلته يستشيرهم في أمر أبي ذر : أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب إمّا أن أضربه أو أحبسه أو أقتله؟ وملء مسامع الصحابة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما أظلّت الخضراء ، وما أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر» ، إلى كلمات أخرى له صلىاللهعليهوآلهوسلم في الثناء عليه. راجع الجزء الثامن (ص ٣١٢).
أو قوله لعمّار لمّا سمع منه ـ رحم الله أبا ذر من كلّ أنفسنا ـ : يا عاضّ أير أبيه أتراني ندمت على تسييره؟! وأمر فدُفِعَ في قفاه ، وعمّار كما عرفته في هذا الجزء