فأجابه صاحبه ... وقال الناس : قُتل المغيرة بن الأخنس ، فقال الذي قتله : إنّا لله. فقال له عبد الرحمن بن عديس : مالك؟ قال : إنّي أُتِيت فيما يرى النائم ، فقيل لي : بشّر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار ، فابتليت به. وقتل قباث الكناني نيار بن عبد الله الأسلمي ، واقتحم الناس الدار من الدور التي حولها حتى ملؤوها ، ولا يشعر الذين بالباب ، وأقبلت القبائل على أبنائهم ، فذهبوا بهم إذ غلبوا على أميرهم ، وندبوا رجلاً لقتله ، فانتدب له رجل ، فدخل عليه البيت ، فقال : اخلعها وندعك. فقال : ويحك والله ما كشفتُ امرأة في جاهليّة ولا إسلام ولا تغنّيت ولا تمنّيت ، ولا وضعت يميني على عورتي مذ بايعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله عزّ وجلّ ، وأنا على مكاني حتى يُكرم الله أهل السعادة ويُهين أهل الشقاء.
فخرج وقالوا : ما صنعت؟ فقال : علقنا والله ، والله ما ينجينا من الناس إلاّ قتله وما يحلّ لنا قتله ، فأدخلوا عليه رجلاً من بني ليث ، فقال : ممّن الرجل؟ فقال : ليثيّ. فقال : لست بصاحبي. قال : وكيف؟ فقال : ألست الذي دعا لك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفر أن تحفظوا يوم كذا وكذا؟ قال : بلى. قال : فلن تضيع. فرجع وفارق القوم ، فأدخلوا عليه رجلاً من قريش ، فقال : يا عثمان إنّي قاتلك. قال : كلاّ يا فلان لا تقتلني. قال : وكيف؟ قال : إنّ رسول الله استغفر لك يوم كذا وكذا ، فلن تقارف دماً حراماً ، فاستغفر ورجع وفارق أصحابه ، فأقبل عبد الله بن سلام حتى قام على باب الدار ينهاهم عن قتله ، وقال : يا قوم لا تسلّوا سيف الله عليكم فو الله إن سللتموه لا تغمدوه ، ويلكم إنّ سلطانكم اليوم يقوم بالدرّة ، فإن قتلتموه لا يقيم إلاّ بالسيف ، ويلكم إنّ مدينتكم محفوفة بملائكة الله ، والله لئن قتلتموه لتتركنّها. فقالوا : يا ابن اليهوديّة وما أنت وهذا؟ فرجع عنهم.
قالوا : وكان آخر من دخل عليه ممّن رجع إلى القوم محمد بن أبي بكر ، فقال له عثمان : ويلك أعلى الله تغضب؟ هل لي إليك جُرم إلاّ حقّه أخذته منك ، فنكل ورجع. قالوا : فلمّا خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره ثار قتيرة وسودان بن حمران