الْقُرْآنَ لِتَشْقى) (١) ، وكان سريع القراءة ، فما كرثه ما سمع ، وما يُخطئ وما يتتعتع حتى أتى عليها قبل أن يصلوا إليه ، ثمّ عاد فجلس إلى عند المصحف وقرأ : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). وارتجز المغيرة بن الأخنس وهو دون الدار في أصحابه : (٢)
قد علمت ذات القرون الميلِ |
|
والحلي والأنامل الطفولِ |
لتصدقنّ بيعتي خليلي |
|
بصارمٍ ذي رونقٍ مصقولِ |
لا أستقيل إن أقلت قيلي
وأقبل أبو هريرة والناس محجمون عن الدار إلاّ أولئك العصبة ، فدسروا (٣) فاستقتلوا ، فقام معهم وقال : أنا أُسوتكم. وقال : هذا يوم طاب امضرب ـ يعني أنّه حلَّ القتال وطاب ، وهذه لغة حمير ـ ونادى : يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ، وبادر مروان يومئذ ونادى : رجل رجل. فبرز له رجل من بني ليث يُدعى النباع (٤) ، فاختلفا ضربتين ، فضربه مروان أسفل رجليه وضربه الآخر على أصل العنق فقلبه ، فانكبّ مروان واستلقى ، فاجترّ هذا أصحابه ، واجترّ الآخر أصحابه ، فقال المصريّون : أما والله لا أن (٥) تكونوا حجّة علينا في الأُمّة لقد قتلناكم بعد تحذير. فقال المغيرة : من بارز؟ فبرز له رجل فاجتلدا وهو يقول :
أضربهم باليابسِ
ضرب غلام بائسِ
من الحياة آيسِ
__________________
(١) سورة طه : ١ ـ ٢.
(٢) آل عمران : ١٧٣.
(٣) دسروا : دفعوا.
(٤) كذا والصحيح : البياع ، وهو عروة بن شييم الليثي كما مرّ. (المؤلف)
(٥) في الطبعة المعتمدة لدينا من تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٩٠ : لو لا أن تكونوا.