السكونيّان والغافقي فضربه الغافقي بحديدة معه ، وضرب المصحف برجله فاستدار المصحف ، فاستقرّ بين يديه وسالت عليه الدماء ، وجاء سودان بن حمران ليضربه ، فانكبّت عليه نائلة ابنة الفرافصة واتّقت السيف بيدها ، فتعمّدها ونفح أصابعها ، فأطنّ أصابع يدها وولّت فغمز أوراكها ، وقال : إنّها لكبيرة العجيزة. وضرب عثمان فقتله ، ودخل غِلمة لعثمان مع القوم لينصروه ، وقد كان عثمان أعتق من كفّ منهم ، فلمّا رأوا سودان قد ضربه ، أهوى له بعضهم فضرب عنقه فقتله ، ووثب قتيرة على الغلام فقتله ، وانتهبوا ما في البيت وأخرجوا من فيه ، ثمّ أغلقوه على ثلاثة قتلى ، فلمّا خرجوا إلى الدار وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فقتله ، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى تناولوا ما على النساء ، وأخذ رجل ملاءة نائلة والرجل يُدعى كلثوم بن تجيب فتنحّت نائلة ، فقال : ويح أُمّك من عجيزة ما أتمّك! وبصر به غلام لعثمان فقتله وقُتل ، وتنادى القوم : أبصر رجل من صاحبه ، وتنادوا في الدار : أدركوا بيت المال لا تُسبَقوا إليه ، وسمع أصحاب بيت المال أصواتهم وليس فيه إلاّ غرارتان (١) ، فقالوا : النجاء ، فإنّ القوم إنّما يحاولون الدنيا فهربوا ، وأتوا بيت المال فانتهبوه ، وماج الناس فيه ، فالتانئ (٢) يسترجع ويبكي ، والطارئ يفرح ، وندم القوم ، وكان الزبير قد خرج من المدينة ، فأقام على طريق مكّة لئلاّ يشهد مقتله ، فلمّا أتاه الخبر بمقتل عثمان وهو بحيث هو قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، رحم الله عثمان وانتصر له. وقيل : إنّ القوم نادمون. فقال : دبّروا دبّروا : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) (٣) الآية. وأتى الخبر طلحة فقال : رحم الله عثمان وانتصر له وللإسلام وقيل له : إنّ القوم نادمون. فقال : تبّا لهم وقرأ : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) (٤). وأتى عليّ فقيل : قُتل
__________________
(١) ذكره ابن كثير في تاريخه : ٧ / ١٨٩ [٧ / ٢١٠ حوادث سنة ٣٥ ه] وحرّفه وبدّله بقوله : فأخذوا بيت المال وكان فيه شيء كثير جداً. (المؤلف)
(٢) التانئ : المقيم.
(٣) سبأ : ٥٤.
(٤) سورة يس : ٥٠.