يعلم به. فقال له عليّ : «فمن تتّهم فيه؟» فقال : أتهم كاتبي وأتّهمك يا عليّ! لأنّك مُطاع عند القوم ولم تردّهم عنّي.
وجاء المصريّون إلى دار عثمان فأحدقوا بها وقالوا لعثمان وقد أشرف عليهم : يا عثمان أهذا كتابك؟ فجحد وحلف ، فقالوا : هذا شرّ ، يكتب عنك بما لا تعلمه ، ما مثلك يلي أُمور المسلمين ، فاختلع من الخلافة. فقال : ما كنت لأنزع قميصاً قمّصنيه الله ، أو قال : سربلنيه الله. وقالت بنو أُميّة : يا عليّ أفسدت علينا أمرنا ودسست وألّبت ، فقال : «يا سفهاء إنّكم لتعلمون أنّه لا ناقة لي في هذا ولا جمل ، وأنّي رددت أهل مصر عن عثمان ثمّ أصلحت أمره مرّة بعد أخرى فما حيلتي؟» وانصرف وهو يقول : «اللهمّ إنّي بريء ممّا يقولون ومن دمه إن حدث به حدث».
قال : وكتب عثمان حين حصروه كتاباً قرأه ابن الزبير على الناس يقول فيه : والله ما كتبت الكتاب ولا أمرت به ولا علمت بقصّته وأنتم مُعتبون من كلّ ما ساءكم ، فأمّروا على مصركم من أحببتم ، وهذه مفاتيح بيت مالكم فادفعوها إلى من شئتم. فقالوا : قد اتّهمناك بالكتاب فاعتزلنا.
وأخرج ابن سعد (١) من طريق جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : إنّ عثمان وجّه إلى المصريّين لمّا أقبلوا يريدونه محمد بن مسلمة في خمسين من الأنصار أنا فيهم فأعطاهم الرضا وانصرفوا ، فلمّا كانوا ببعض الطريق رأوا جملاً عليه ميسم الصدقة فأخذوه ، فإذا غلام لعثمان ففتّشوه ، فإذا معه قصبة من رصاص في جوف إداوة فيها كتاب إلى عامل مصر : أن افعل بفلان كذا ، وبفلان كذا ، فرجع القوم إلى المدينة فأرسل إليهم عثمان محمد بن مسلمة ، فلم يرجعوا وحصروه.
صورة أخرى :
عن سعيد بن المسيّب قال : إنّ عثمان لمّا ولي كره ولايته نفر من أصحاب
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ٣ / ٦٥.