التركيب الثانى : أن يلى (مد ومنذ) اسم مرفوع نكرة معدودة ، أو معرفة محدودة فتكون بمثابة المعدودة :
الأول نحو : ما رأيته مذ يومان ، ... ومنذ ليلتان ، والثانى نحو : لم أره مذ المحرم ، ... مذ الشتاء ، وأنت ترى أن شهر المحرم محدودة أيامه ، حيث تنحصر فى ثلاثين يوما ، وكذلك فصل الشتاء يعدّ بثلاثة أشهر ، فكأنك قلت : لم أره مذ ثلاثون يوما ... ، ... مذ ثلاثة أشهر.
يكون فيهما معنى الأمد فى هذا التركيب ، أى : تنظم أول الوقت إلى آخره ، فالمعنى : أمد عدم رؤيتى له يومان ، ... ليلتان ، ... ثلاثون يوما ، ... ثلاثة أشهر.
وكأن هذا التركيب إجابة ل (كم) ، فتقدير السؤال لمثل هذا التركيب : كم مدة انقطاع الرؤية؟ أو : مذ كم يوما تره؟ ؛ لذا وجب أن يكون الجواب عددا ، أو : ما له مقدار من الزمان معلوم (١) ، ومحدود.
ومن هنا ؛ فإنه يلزم صحة السؤال عنه باسم الاستفهام (كم).
ولا يلزم فى هذا التركيب تخصيص الوقت وتعيينه كما هو فى التركيب السابق. وهو فى بيانه للأمد يدل ـ بشكل ضمنى ـ على الزمن الذى أنت فيه ، فمعنى ما رأيته مذ يومان ، أن عدم رؤيتك له منقطعة من يومين يسبقان
يومك الذى أنت فيه ، فطول أو عدد زمن عدم الرؤية يومان ، ينتهيان بما أنت فيه ، ويبدآن بعدد يومين سابقين لما أنت فيه من زمن.
لذا لزم فى هذا التركيب المقدار المعلوم من الزمان ، أو العدد الذى يدل على هذا الزمان.
وفى هذا التركيب يكون (مذ ومنذ) اسمين.
لا يصح فى هذا التركيب أن تقول : ما رأيته مذ يوم (٢) ؛ لأن يوما لا يعد.
لكننى أرى أنه يمكن أن يعدّ بالساعات.
__________________
(١) ينظر : شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٩٤.
(٢) حاشية الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٢٨.