فإن كان الرفع راجحا لأنه الأصل ، فإن النصب يرجح بالعطف على الجملة القريبة ، فتعادلا. ومنه قوله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) [يس : ٣٩] ، حيث قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بالرفع ، والباقون بالنصب ، والرفع على الابتداء ، لكن النصب على الاشتغال ، والوجهان مستويان لعطف جملة التنازع هذه على جملة كبرى ذات وجهين ، وهى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) [يس : ٣٨].
بين النحاة خلاف فى مدى تضمن جملة الاشتغال ـ إذا عطفت على الجملة الصغرى ـ ضميرا يربطها بها ، أى : تتضمن ضميرا يعود على المبتدإ فى الجملة الكبرى ، حيث ذهب قوم إلى أنه يجب أن تتضمن جملة الاشتغال ضميرا يعود على مبتدإ الجملة الكبرى ؛ لأنها شريكة الصغرى التى يجب أن تتضمن هذا الضمير ، واختار هذا الرأى الأخفش والسيرافى ، وعارضه ابن عصفور وجماعة ، ويستشهدون لرأيهم بإجماع القراء على النصب فى قوله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) [الرحمن : ٥ ـ ٧]. حيث نصب (السماء) وهو اسم مشغول عنه ، وجملة الاشتغال معطوفة على الجملة الصغرى (يسجدان) ، ولا تتضمن ضميرا يعود على المبتدإ (الشمس والقمر) ، بما يدل على عدم وجوب تضمن جملة الاشتغال المعطوفة على الجملة الصغرى ضميرا يربطها بها.
لكن غير هؤلاء يجعلون جملة الاشتغال معطوفة على الجملة الصغرى (علّم القرآن) ، وبذلك تتضمن ضميرا يربطها بها.
وذهب آخرون إلى أن الرابط يكون الواو ، فلا تحتاج إلى ضمير.
تنبيه :
تعدد الضمير الشاغل :
إذا كان فى الجملة سببان للرفع والنصب فأنت بالخيار فى أيهما شئت ، حيث يجوز أن تختار السبب الذى لأجله يختار نصب الاسم المشغول عنه ، كما يجوز لك اختيار سبب رفعه ، ولا تبالى بالتقدم أو التأخر فيهما.