ويعلل لوجوب سبق الفعل الفاعل أو نائبه دائما بأن الفاعل موجود قبل وجود الفعل ، فيجب أن يكون قبله ، إلا أنه لمّا كان الفعل عاملا فى الفاعل أو نائبه وجب سبقه له ؛ لأن العامل يسبق المعمول (١).
كما أن الفاعل كالجزء من الفعل ؛ لأن الفعل يفتقر إليه في معناه وفى استعماله ، وهو كالعجز منه ؛ لذا لا يجوز تقديمه عليه ؛ لأن العجز لا يجوز تقدمه على الصدر (٢).
وعلينا أن نستحضر فكرة المعلوم والمجهول فى ركنى الجملة ، حيث يبتدأ بما هو معلوم ليخبر عنه بما هو مجهول ؛ ولهذا فإن الجملة قد قسمت إلى فعلية واسمية ، فإن علم المتحدث أن المستمع يعلم اسما ما فإنه يبتدئ به لتكون الجملة اسمية ، وإن كان يعلم حدثية فإنه يبتدئ بها ثم يتلوها بفاعلها أو ما ينوب عنه فتكون الجملة فعلية ؛ ولهذا فإن الفعل يجب أن يسبق الفاعل أو نائبه حتى تكون الجملة فعلية ، أى أن الفعل هو المعلوم لدى طرفى الحديث ، ومن هنا يمكن أن ندرك الفرق المعنوىّ فى الإخبار بقولنا : أصيب الصديق ، والصديق أصيب ، حيث يمكن تغيير الجزء الثانى من الجملة بأى معنى آخر صالح مع الجزء الأول ، لكن هذا التغيير غير ممكن فى الجزء الأول على افتراض حتمية معلوميته لدى الطرفين المتخاطبين.
فالفعل أولا ، ثم يليه الفاعل لذلك ؛ والفعل بمثابة المبتدإ فى الجملة الاسمية ، والفاعل بمثابة الخبر ، وعلى الرغم من أنه المسند إليه معنى الفعل ، ولكن لا بد من هذا التقدير الافتراضى ؛ ليتضح الفرق بين الاسمية والفعلية.
يذكر المبرد : فقولك : يقوم زيد؟ يقوم فى موضع المبتدإ ، وكذلك : زيد يقوم ، يقوم فى موضع الخبر (٣).
ب ـ الاسمية :
يجب أن يكون الفاعل أو نائبه اسما ؛ لأنه مسند إليه ، حيث يسند إليه الحدث الذى يتمثل فى الفعل ، والإسناد لا يكون إلا لاسم ـ كما هو فى المبتدإ ـ ولو كان
__________________
(١) ينظر : شرح ابن يعيش ١ ـ ٧٥.
(٢) ينظر : شرح ابن الناظم ٢١٩.
(٣) المقتضب ٢ ـ ٥.