وقال ابن بابشاذ : (١) الكاف في الجميع حرف خطاب ، كما في ذلك ؛ ويبطل قوله بما أورد على الفرّاء ؛
وأمّا التنوين اللاحق لبعض هذه الأسماء ، فعند الجمهور للتنكير ، وليس لتنكير الفعل الذي ذلك الاسم بمعناه ، إذ الفعل لا يكون معرّفا ولا منكرا ، كما ذكرنا في علامات الأسماء ، بل التنكير راجع إلى المصدر ، الذي ذلك الاسم قبل صيرورته اسم فعل ، كان بمعناه ، لأن المنون منها إمّا مصدر أو صوت قائم مقام المصدر أوّلا ، ثم ينتفل عنه إلى باب اسم الفعل ثانيا ، كما مرّ ؛ فصه ، بمعنى سكوتا ، وايه بمعنى زيادة ، فيكون المجرّد من التنوين ، مما يلحقه التنوين ، كالمعرّف ، فمعنى صه : اسكت السكوت المعهود المعيّن ، وتعيين المصدر بتعيين متعلقه ، أي المسكوت عنه ، أي : افعل السكوت عن هذا الحديث المعيّن ، فجاز ، على هذا ، ألّا يسكت المخاطب عن غير الحديث المشار إليه ؛ وكذا مه ، أي كفّ عن هذا الشيء ، وايه ، أي ، هات الحديث المعهود ، فالتعريف في المصدر راجع إلى تعريف متعلقه ، وأمّا التنكير فيه ، فكأنه للإبهام والتفخيم كما في قوله :
ألا أيها الطير المربّة بالضحى |
|
على خالد، لقد وقعت على لحم (٢) ـ ٣٣٨ |
أي : لحم وأيّ لحم ، فكأنّ معنى صه : اسكت سكوتا وأيّ سكوت أي : سكوتا بليغا ، أي : اسكت عن كل كلام ؛
وليس ترك التنوين في جميع أسماء الأفعال عندهم دليل التعريف ، بل تركه فيما يلحقه تنوين التنكير : دليل التعريف ؛
وقال ابن السكّيت (٣) ، والجوهري (٤) ، دخوله فيما يدخل عليه منها دليل كونه موصولا بما بعده ، وحذفه دليل الوقف عليه ، تقول : صه صه ، ومه مه ، بتنوين الأول وسكون
__________________
(١) تقدم ذكره في أول باب الموصول من هذا الجزء ،
(٢) تقدم في الجزء الثاني ،
(٣) أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكّيت من أبرز علماء اللغة والنحو ، كوفي المذهب ، كما كان راوية للشعر ، شرح بعض دواوين الشعراء القدامى ، ومن أشهر كتبه : إصلاح المنطق ، توفي سنة ٢٤٤ ه ،
(٤) اسماعيل بن حمّاد الجوهري صاحب معجم الصحاح ، تقدم ذكره في هذا الشرح ؛