قال جار الله (١) ، ونعم ما قال : معنى حكاية الحال : أن يقدّر أن ذلك الفعل الماضي واقع في حال التكلم ، كما في قوله تعالى : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ)(٢) ؛ وإنما يفعل هذا في الفعل الماضي المستغرب ، كأنك تحضره للمخاطب وتصوّره له ليتعجب منه ، تقول : رأيت الأسد ، فآخذ السيف فأقتله ؛
فإذا تقرّر أنه لا يعمل بمعنى الماضي ثبت أن إضافته معنوية ، يتعرّف إذا أضيف إلى المعرفة ، نحو : مررت بزيد ضاربك أمس ، وأمّا اسم الفاعل بمعنى الاستمرار فقد تقدم شرحه في باب الإضافة (٣) ؛
قوله : «فإن دخل اللام استوى الجميع» ، أي عمل بمعنى الماضي والحال والاستقبال.
وقال أبو علي ، في كتاب الشعر ، والرماني (٤) : إن اسم الفاعل ذا اللام لا يعمل إلا إذا كان ماضيا ، نحو : الضارب زيدا أمس : عمرو ، ولم يوجد في كلامهم عاملا إلّا ومعناه المعنيّ ، ولعلّ ذلك لأن المجرّد من اللام ، لم يكن يعمل بمعنى الماضي ، فتوسّل إلى إعماله بمعناه ، باللام ، وإن لم يكن مع اللام اسم فاعل حقيقة ، بل هو فعل في صورة الاسم كما قد تكرّر ذكره ؛ ونقل ابن الدّهان (٥) ذلك أيضا ، عن سيبويه ، ولم يصرّح سيبويه بذلك ، بل قال : الضارب زيدا ، بمعنى ضرب ، ويحتمل تفسيره بذلك أي أنه إذا عمل بمعنى الماضي فالأولى جواز عمله بمعنى الحال والاستقبال ، إذ كان مع التجريد يعمل بمعناهما ؛
وجوّز المبرد وغيره عمله بمعنى الماضي والحال والاستقبال ، واستدلوا بقوله :
٥٨٦ ـ فبت والهمّ تغشاني طوارقه |
|
من خوف رحلة بين الظاعنين غدا (٦) |
__________________
(١) الزمخشري ، وتكرر ذكره ،
(٢) من الآية ٩١ سورة البقرة ،
(٣) في الجزء الثاني
(٤) أبو الحسن علي بن عيسى الرماني ممن تقدم ذكرهم ،
(٥) أبو محمد ناصح الدين بن الدهان تقدم ذكره ،
(٦) من شعر جرير ، وقد بيّن الشارح وجه الاستشهاد فيه وما يمكن أن يقال فيه ،