والمثنى جميع المثنى ، فلا يستثنى من المفرد إلا المفرد ، فقولك ان الرجل خير من المرأة إلا الزيدين : أي إلا كل واحد منهما ، وقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)(١) ؛ أي إلّا كل واحد منهم ، ولا يجوز أن تقول : الرجل يرفع هذا الحجر إلا الزيدين معا ، ولا : إلا ثلاثثكم معا ، بلى ، يجوز ذلك إذا كان الاستثناء منقطعا ؛
وكذا لا يستثنى من المثنى إلا المثنى ، فمعنى : إن الرجلين يرفعان هذا الحجر ، إلا اخوتك : أي إلا الاثنين منهم ، ولا يجوز : الرجلان يرفعان هذا الحجر إلا اخوتك معا ، بلى ، يجوز على الانقطاع ؛
وأمّا الجمع فيصح استثناء الجمع والمثنى والواحد منه نحو : لقيت العلماء إلا الزيدين وإلا زيدا ، وذلك لأن الجمع المحلّى باللام في مثل هذا الموضع يستعمل بمعنى منكرّ مضاف إليه كل مفرد وغيره ، فمعنى لقيت العلماء إلا زيدا : أي : كل عالم وكل عالمين وكل علماء ، وهكذا حال المفرد والمثنى والمجموع في غير الموجب ، قال صلّى الله عليه وسلّم : «لا تحرم الا ملاجة» (٢) أي كل واحد من هذا الجنس ، وكذا : الاملاجتان ، أي كل اثنين اثنين (٣) من هذا الجنس ؛
فلا يستثنى من الواحد إلا الواحد ، ولا من المثنى إلا المثنى ، وأما الجمع نحو : ما لقيت العلماء ، فهو بخلافهما ، بل هو بمنزلة منكّر في سياق غير الموجب ، مفرد ، وغيره ، في استعمالهم ، أي : ما لقيت أحدا من العلماء ، ولا الزيدين ، ولا اثنين ، ولا جماعة ، فيصح استثناء المفرد والمثنى والمجموع منه ، نحو : ما لقيت العلماء إلا زيدا ، وإلا الزيدين وإلا الزيدين ؛ فقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)(٤) ، أي شيء من الأبصار ، لا جميع الأبصار ، كما توهّمه بعضهم ، فحال الجمع في الموجب وغيره ، حال المثنى والمفرد ؛
__________________
(١) من الآيتين ٢ ، ٣ في سورة العصر ؛
(٢) جزء من الحديث المتقدم ولم ينص هناك على أنه حديث ؛
(٣) تكرار كلمة اثنين مقصود لأن المعنى لا يتم الا به ؛
(٤) الآية ١٠٣ من سورة الأنعام ،