و «أنّى» ، لها ثلاثة معان ، استفهامية كانت أو شرطية : أحدها : أين ، الّا أن «أنّى» مع «من» إمّا ظاهرة كقوله :
٥٠٠ ـ من اين عشرون لنا من أنّى (١)
أي : من أين ، أو مقدرة ، كقوله تعالى : (أَنَّى لَكِ هذا)(٢) ، أي من أنّى ، أي من أين ، ولا يقال : أنّى زيد؟ بمعنى : أين زيد ، وإنما جاز اضمار «من» لأنها تدخل في أكثر الظروف التي لا تتصرف أو يقلّ تصرفها نحو : من عند ، ومن بعد ، ومن أين ، ومن قبله ومن أمامه ومن لدنه ، فصارت مثل «في» فجاز أن تضمر في الظروف اضمار «في» ومنه قوله :
٥٠١ ـ صريع غوان راقهن ورقنه |
|
لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب (٣) |
أي : من لدن شبّ ؛
ويجيئ «أنّى» بمعنى «كيف» نحو : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(٤) ، ويجوز أن يكون بمعنى : من أين يؤفكون ، ويجيئ بمعنى «متى» ، وقد أوّل قوله تعالى : (أَنَّى شِئْتُمْ)(٥) ، على الأوجه الثلاثة ؛ ولا يجيئ بمعنى متى ، وكيف ، إلا وبعده فعل ؛
وأمّا «أنىّ» الشرطية ، فكقوله :
__________________
(١) من أرجوزة رواها الأخفش عن ثعلب ، وروى أبو زيد الأنصاري في النوادر بعضا منها ، وقال ابن السكيت إنها قيلت في عامل زكاة كان يظلم الناس ويغير من عمر إبلهم فيأخذ بنت اللبون ويكتبها بنت مخاض إلى آخر ما أورده البغدادي في ذلك ؛
(٢) الآية ٣٧ سورة آل عمران ،
(٣) من قصيدة للقطامي وسمّي صريع الغواني لقوله هذا البيت في المقدمة الغزلية لهذه القصيدة ، وقبله :
كأن فضيضا من غريض غمامة |
|
على ظمأ ، جادت به أم غالب .. |
لمستهلك قد كاد من شدة الهوى |
|
يموت ، ومن طول العدات الكواذب |
(٤) الآية ٣٠ سورة التوبة ،
(٥) من الآية ٢٢٣ سورة البقرة ،