وحكى الأصمعي : أنه يقال : هلمّ إلى كذا فيقول المخاطب : لا أهلمّ إليه ، مفتوحة الهمزة والهاء ؛ وكذا يقال : هلمّ كذا ، فيقول المخاطب : لا أهلمّه معدّى بنفسه ؛ كأنك قلت : لا ألم ، والهاء المفتوحة زائدة أو : لا أؤم على المذهب الآخر ، فلم تغيّر في الجواب الهاء واللام مراعاة للفظ الخطاب ؛ ـ هذا الذي ذكرنا كله بمعنى الأمر ؛
ومن أسماء الأفعال التي بمعنى الخبر : هيهات ، وفي تائها الحركات الثلاث وقد تبدل هاؤها الأولى همزة ، مع تثليث التاء أيضا ، وقد تنوّن في هذه اللغات الست ، وقد تسكن التاء في الوصل أيضا ، لإجرائها فيه مجراها في الوقف ، وقد تحذف التاء ، نحو : هيها ، وأيها ، وقد تلحق هذه الرابعة عشرة ، كاف الخطاب نحو : أيهاك ، وقد تنون ، أيضا ، نحو : أيها ، وقد يقال : أيهان بهمزة ونون مفتوحتين ؛ وقال صاحب المغني (١) : بنون مكسورة ، وقال بعض النحاة إن مفتوحة التاء مفردة وأصلها هيهية ، كزلزلة ، نحو : قوقاة (٢) ، قلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، والتاء للتأنيث ، فالوقف عليها ، إذن ، بالهاء ، وأمّا مكسورة التاء فجمع مفتوحة التاء ، كمسلمات ، فالوقف عليها بالتاء ، وكان القياس : هيهيات ، كما تقول : قوقيات في جمع قوقاة ، إلا أنهم حذفوا الألف لكونها غير متمكنة ، كما حذفوا ألف «هذا» ، وياء «الذي» في المثنى ، والمضمومة التاء تحتمل الإفراد والجمع فيجوز الوقف عليها بالهاء والتاء ؛
وهذا كله وهم وتخمين ؛ بل لا منع أن نقول : التاء والألف فيها زائدتان ، فهي مثل «كوكب» ، ولا منع ، أيضا ، من كونها في جميع الأحوال مفردة ، مع زيادة التاء فقط ، وأصلها : هيهية ، ونقول : فتح التاء ، على الأكثر ، نظرا إلى أصله ، حين كان مفعولا مطلقا ، وكسرت للساكنين ، لأن أصل التاء : السكون ، وأمّا الضم فللتنبيه بقوة الحركة على قوة معنى البعد فيه ، إذ معناه : ما أبعده كما ذكرنا ؛
__________________
(١) منصور بن فلاح اليمني ، من معاصري الرضى ، قال في كشف الظنون انه فرغ من تأليف كتابه : المغني في النحو ، سنة ٦٧٢ ه وتقدم ذكره بهذا الوصف في هذا الجزء وما قبله ، والرضى لم يذكره باسمه أبدا ؛
(٢) مصدر قوقى الدجاج أي صاح ،