كلّه أصليّة. وذلك لأنّ زيادة الميم غير أوّل قليلة ، فلا ينبغي أن يذهب إليها ، إلّا أن يقود إلى ذلك دليل قاطع. وليست هذه الألفاظ كذلك.
أمّا «هرماس» فهو من أسماء الأسد ، وليس بصفة مشتقّة من «الهرس». فلعلّه اسم مرتجل ، وليس مشتقا من شيء ، إذ قد يوجد من الأسماء ما هو بهذه الصفة. أعني : ليس بمشتق من شيء.
وكذلك الأمر في «دخشم» و «جلهمة».
لأنّهما اسمان علمان ، والأعلام قد يكون فيها المرتجل ، وإن كان أكثرها ليس كذلك.
وأمّا «ضبارم» فقد يكون بمعنى : جريء.
يقال : رجل ضبارم ، أي جريء على الأعداء. فلعل الأسد الوثيق وصف بـ «ضبارم» ، لجرأته ، فلا يكون على هذا مشتقا من «الضّبر» ، لأن الضبر لا يكون بمعنى الجرأة.
وأمّا «الحلقوم» فليس أيضا بصفة مشتقّة من لفظ «الحلق» ، فيلزم أن تكون الميم زائدة. بل هو اسم ، فيمكن أن يكون بمعنى الحلق ، وتكون ذاته مخالفة لذات «حلق» ، فيكون من باب «سبط وسبطر» ، ولا سيما قد قالوا «حلقمه حلقمة» إذا قطع حلقومه ، فأثبتوا الميم في تصريفه.
وكذلك «البلعوم» أعني أنه ليس بصفة مشتقّة من «البلع» ، بل هو اسم ـ كما ذكرنا ـ لمجرى الطعام في الحلق. فلعله اسم له ، لا من حيث لحظ فيه معنى «البلع» ؛ ألا ترى أنّ البياض الذي في طرف فم الحمار يسمّى «بلعوما» ، وإن لم يكن رجوعه إلى معنى «البلع». فكذلك ينبغي ألّا يجعل بالنظر إلى مجرى الطعام في الحلق.
وأما «الصّلقم» فيمكن أن يكون غير مشتقّ من «الصّلق» ، لأنهم يقولون : «جمل صلقم» أي : ضخم. فلعلّ الشّديد الصياح قيل له «صلقم» ، لضخامة صوته ، لا لأجل الصراخ نفسه. إذ قد وقع هذا اللفظ على ما ليس براجع لمعنى «الصّلق» ، وهو الضخم من الإبل.
وأمّا «السّرطم» فإنّه يحتمل ـ وإن كان واقعا على الواسع الحلق ، السريع الابتلاع ـ ألّا يكون مشتقا من «السّرط» بمعنى البلع ، لأنّهم قد يوقعون «السّرطم» على القول اللّيّن ، فيكون الرجل الواسع الحلق وصف بـ «سرطم» لسهولة الابتلاع في حلقه ولينه عليه ، لا لنفس «السّرط» الذي هو الابتلاع ، كما أنّ «السّرطم» إذا عني به القول اللّيّن ليس براجع لمعنى «السّرط».
فإذا أمكن في هذه الألفاظ حملها على ما ذكرت لك كان أولى من جعل الميم زائدة غير أوّل ، لقلّة ما جاء من ذلك.
وزعم أبو الحسن ، وأبو عثمان المازنيّ ، أنّ «دلامصا» (١) من ذوات الأربعة ، وأنّ
__________________
(١) الدلامص : البرّاق.