«ضاهيت» أي : شابهت. و «ضهيأ» المقصور من «ضاهأت».
وهذا الذي ذهب إليه حسن من طريق الاشتقاق ، إلا أنّه يبقى في ذلك إثبات بناء لم يستقرّ في كلامهم. وذلك أنّ الهمزة إذا جعلت أصليّة والياء زائدة كان وزن الكلمة «فعيلا» ، وذلك بناء غير موجود في كلامهم ، إلّا أن يكون مكسور الفاء ، نحو «طريم» (١) و «حذيم» (٢).
فإن قلت : وكذلك أيضا جعل الهمزة زائدة يؤدّي إلى بناء غير موجود ، وهو «فعلأ» ؛ ألا ترى أنّه لم يجىء منه إلّا «ضهيأ» المختلف فيه ، والمختلف فيه لا يجعل حجّة. فإذا كان جعلها زائدة أو أصلا يؤدّي إلى بناء غير موجود ، فالأصالة أولى ، لأنّها أكثر! فالجواب أنّ «فعلأ» و «فعيلا» ـ وإن كانا بناءين معدومين ـ ينبغي أن يحمل منهما على «فعلأ» ، لأنّ «فعيلا» يظهر منهم اجتنابه ؛ ألا ترى أنّه إذا جاء في كلامهم كسروا أوّله ، نحو : «حذيم» و «طريم». ولم يظهر منهم ذلك في «فعلأ» ، لأنّهم لم يجتنبوا «فعلأ» كما فعلوا ذلك بـ «فعيل».
فثبت إذا أنّ الذي ينبغي أن يدّعى فيه أنّه «فعلأ» ، ويكون من الأبنية التي جاءت في كلامهم مفردة ، لا ثاني لها. وأيضا فإنّ الاستدلال على زيادة همزة «ضهيأ» بـ «ضهياء» الممدودة ، أو ما في معناها ، أولى من الاستدلال بشيء آخر خلافها ، وهو «ضاهأت». فلذلك كان هذا المذهب باطلا.
فهذه جملة ما جاءت فيه الهمزة زائدة غير أوّل.
فأمّا «العألم» و «الخأتم» و «تأبل» (٣) وأمثالها ، فالهمزة فيها بدل من الألف ، ولم تزد فيها الهمزة ابتداء ، فينبغي أن تذكر في باب البدل.
فلمّا قلّت زيادة الهمزة ، غير أوّل ، وجب القضاء على ما لم يعرف أصله ، ممّا الهمزة فيه غير أوّل ، بالأصالة ، نحو «السّأسم» (٤) و «اطمأنّ» و «برائل» (٥) ، وأمثال ذلك.
فإن وقعت أوّلا ، فلا يخلو أن يكون بعدها حرفان ، أو أزيد. فإن كان بعدها حرفان خاصّة كانت أصلا ، إذا لا بدّ من الفاء والعين واللام. وذلك نحو «أخذ» و «أكل» و «أمر».
وإن كان بعدها أزيد من حرفين ، فلا يخلو أن يكون بعدها أربعة أحرف ، مقطوع بأصالتها فصاعدا ، أو ثلاثة ، أو اثنان ، مقطوع بأصالتهما ، وما عداهما مقطوع بزيادته ، أو محتمل للزيادة والأصالة.
__________________
(١) الطّريم : الطويل.
(٢) الحذيم : الحاذق.
(٣) التأبل : التوابل كالكمون والكسبرة ونحوهما.
(٤) السأسم : نوع من الشّجر.
(٥) البرائل : الدّيك.