فخرجوا يشتدّون في ذلك اليوم نحو الثنيّة ، فقال قائل منهم : هذه والله الشمس قد أشرقت. وقال آخر : وهذه والله العير قد أقبلت يقدمها جمل أورق كما قال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمّ لم يؤمنوا وقالوا : ما هذا إلّا سحر مبين.
وقد عرج به إلى السماء في تلك الليلة ، وكان العروج به من بيت المقدس ، وأخبر قريشا أيضا بما رأى في السماء من العجائب ، وأنّه لقي الأنبياء ، وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى. وكان ذلك قبل الهجرة بسنة.
وما قاله بعضهم : إنّ ذلك العروج كان في النوم ، ظاهر البطلان ، مخالف لإجماع الإماميّة وجمهور العامّة.
وما قيل : من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّم الله سبحانه جهرة ورآه ، وقعد معه على سريره ، ونحو ذلك ، فهو من مقالات أهل التشبيه والتجسيم ، والله تعالى يتقدّس عن ذلك.
وكذا ظاهر البطلان ما روي من أنّه شقّ بطنه وغسل بطنه ، لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان طاهرا مطهّرا من كلّ سوء وعيب ، وكيف يطهّر القلب وما فيه من الاعتقاد بالماء؟! والقول الصحيح المنقول عن أئمّتنا عليهمالسلام أنّ الله سبحانه أسرى بنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقظة بشخصه من المسجد الحرام (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) بيت المقدس ، لأنّه لم يكن حينئذ وراءه مسجد (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) ببركات الدين والدنيا ، لأنّه مهبط الوحي ، ومتعبّد الأنبياء من لدن موسى ، ومحفوف بالأنهار والأشجار ، وموضع أمن وخصب ، حتّى لا يحتاجوا إلى أن تجلب إليهم الثمرات والحبوب من موضع آخر.
(لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) كذهابه في برهة من الليل مسيرة شهر ، ومشاهدته بيت المقدس ، وتمثّل الأنبياء له ، ووقوفه على مقاماتهم ، وصرف الكلام من الغيبة إلى التكلّم لتعظيم تلك البركات والآيات. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (الْبَصِيرُ) بأفعاله ، فيكرمه ويقرّبه على حسب ذلك.
ومن جملة الأخبار الواردة في قصّة المعراج ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنّه قال :