(وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) تحمّل معظمه. وقرأ يعقوب بالضمّ (١). وهو لغة فيه.
(مِنْهُمْ) من الخائضين. وهو ابن أبيّ ، لأنّ معظم الشرّ كان منه ، فإنّه الّذي كان يشيع ذلك بين الناس ، لما روي : أنّ صفوان مرّ بهودجها عليه وهو في ملأ من قومه ، فقال : من هذه؟ فقالوا : عائشة. فقال : والله ما نجت منه ولا نجا منها. ثمّ قال : امرأة نبيّكم باتت مع رجل حتّى أصبحت ، ثمّ جاء يقودها. وقيل : هو وحسّان ومسطح ، فإنّهما شايعاه بالتصريح به.
وعلى هذا «الّذي» بمعنى : الّذين.
(لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الآخرة أو في الدنيا ، بأن جلدوا ، وصار ابن أبيّ مطرودا مشهورا بالنفاق ، وحسّان أعمى وأشلّ اليدين ، ومسطح مكفوف البصر.
(لَوْ لا) هلّا (إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) حين سمعتم هذا الإفك من القائلين له (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ) أي : بالّذين هم كأنفسهم من المؤمنين والمؤمنات (خَيْراً) فإنّ المؤمنين كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور ، فإذا جرى على أحدهم محنة فكأنّها جرت على جماعتهم. وهذا كقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) (٢) ، (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) (٣).
وإنّما عدل فيه من الخطاب إلى الغيبة ، وعن الضمير إلى الظاهر ، مبالغة في التوبيخ ، وإشعارا بأنّ الإيمان يقتضي ظنّ الخير بالمؤمنين ، والكفّ عن الطعن فيهم وذبّ الطاعنين عنهم كما يذبونهم عن أنفسهم.
وإنّما جاز الفصل بين «لو لا» وفعله بالظرف لأنّه منزّل منزلته ، من حيث إنّه لا ينفكّ عنه ، ولذلك يتّسع فيه ما لا يتّسع في غيره. وفائدة تقديمه على الفعل هنا ، بيان أنّه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أوّل ما سمعوا بالإفك عن التكلّم به ، فلمّا كان ذكر
__________________
(١) أي : كبره.
(٢) النور : ٦١.
(٣) الحجرات : ١١.