(٤٦)
وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا
حاسِبِينَ (٤٧))
(قُلْ إِنَّما
أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) بما أوحي إليّ (وَلا يَسْمَعُ
الصُّمُّ الدُّعاءَ) وقرأ ابن عامر : ولا تسمع ، على خطاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. واللام في «الصمّ» إشارة إلى هؤلاء المنذرين ، فهي
للعهد لا للجنس. والأصل : ولا يسمعون ، فوضع الظاهر موضع ضميرهم.
وسمّاهم الصمّ
للدلالة على تصامّهم ، وسدّهم أسماعهم إذا انذروا ، وعدم انتفاعهم بما يسمعون ،
فهم في ذلك بمنزلة الأصمّ الّذي لا يسمع.
(إِذا ما يُنْذَرُونَ) منصوب بـ «يسمع» أو بالدعاء. والتقييد به ، لأنّ الكلام
في الإنذار ، أو للمبالغة في تصامّهم وتجاسرهم ، أي : هم على صفة التصامّ وصدّ
الأسماع من آيات الإنذار جرأة وجسارة.
(وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ
نَفْحَةٌ) أدنى شيء. وفيه مبالغات ثلاث : ذكر المسّ ، وما في
النفحة من معنى القلّة ، فإنّ أصل النفخ هبوب رائحة الشيء ، والبناء الدالّ على
المرّة.
(مِنْ عَذابِ رَبِّكَ) من الّذي ينذرون به (لَيَقُولُنَّ يا
وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) لدعوا على أنفسهم بالويل ، واعترفوا عليها بالظلم ،
حتّى تصامّوا وأعرضوا.
ثمّ قال : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) العدل توزن بها الأعمال. وهو ميزان له كفّتان ولسان.
يروى : «أنّ
داود عليهالسلام سأل ربّه أن يريه الميزان ، فلمّا رآه غشي عليه ثمّ
أفاق ، فقال : يا إلهي من الّذي يقدر أن يملأ كفّته حسنات؟ فقال : يا داود إنّي
إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة».
وفي وزن
الأعمال مع أنّها أعراض قولان : أحدهما : توزن صحائف الأعمال.
والثاني : أن
تجعل في كفّة الحسنات جواهر بيض مشرقة ، وفي كفّة السيّئات جواهر سود