من سحرهم أنّها تعدو مثل عدو الحيّات. وذلك لأنّهم لطخوها بالزئبق ، فلمّا حميت الشمس طلب الزئبق الصعود في أجوافها ، فاضطربت واهتزّت ، فخيّل أنّها تتحرّك.
وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان وروح : تخيّل بالتاء ، على إسناده إلى ضمير الحبال والعصيّ ، وإبدال «أنّها تسعى» بدل الاشتمال ، كقولك : أعجبني زيد كرمه.
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) إيجاس الخوف إضمار شيء منه. والمعنى : فأضمر فيها خوفا من مفاجأته ، على ما هو مقتضى الجبلّة البشريّة عند رؤية أمر غريب وشيء عجيب في أوّل وهلة.
وقيل : خاف أن يخالج الناس شكّ ، بأن يلتبس عليهم أمره ، فيتوهّموا أنّهم فعلوا مثل ما فعله ، فيشكّوا فعلا يتّبعوه.
(قُلْنا لا تَخَفْ) ما توهّم (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) تعليل للنهي ، وتقرير لغلبته ، مؤكّدا بالاستئناف ، وحرف التحقيق ، وتكرير الضمير ، وتعريف الخبر ، ولفظ العلوّ الدالّ على الغلبة الظاهرة ، وصيغة التفضيل.
(وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ) أيهمه ولم يقل : ألق عصاك ، تحقيرا لها ، أي : لا تبال بكثرة حبالهم وعصيّهم ، وألق العويد (١) الفرد الصغير الجرم الّذي في يمينك. أو تعظيما لها ، أي : لا تحتفل بكثرة هذه الأجرام وعظمها ، فإنّ في يمينك ما هو أعظم منها أثرا فألقه.
(تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) تبتلع ما افتعلوا وزوّروا بقدرة الله ، على وحدته وصغره وكثرة ما فعلوا وعظمه. وأصله : تتلقّف ، فحذفت إحدى التاءين. وتاء المضارعة تحتمل التأنيث ، والخطاب على إسناد الفعل إلى المسبّب.
وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان بالرفع ، على الحال أو الاستئناف. وحفص بالجزم والتخفيف ، على أنّه من : لقفته ، بمعنى : تلقّفته. والبزّي بتشديد التاء.
(إِنَّما صَنَعُوا) أي : الّذي افتعلوا (كَيْدُ ساحِرٍ) قرأ حمزة والكسائي : سحر ،
__________________
(١) العويد : مصغّر العود.