وقرأ حمزة والكسائي : يفقهون ، أي : لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبينونه ، لتلعثمهم (١) فيه.
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) أي : قال مترجمهم (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) قبيلتان من ولد يافث بن نوح. وقيل : يأجوج من الترك ، ومأجوج من الجيل والديلم. وهما اسمان أعجميّان بدليل منع الصرف. وقيل : عربيّان ، من : أجّ الظليم (٢) إذا أسرع. وأصلهما الهمز ، كما قرأ عاصم. ومنع صرفهما للتعريف والتأنيث. (مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) أي : في أرضنا ، بالقتل والتخريب وإتلاف الزروع. قيل : كانوا يخرجون في الربيع ، فلا يتركون أخضر إلّا أكلوه ، ولا يابسا إلّا احتملوه ، وقيل : كانوا يأكلون الناس والدوابّ.
ورد في الخبر عن حذيفة قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن يأجوج ومأجوج ، فقال : «يأجوج أمّة ومأجوج أمّة ، لا يموت منهم أحد حتّى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كلّ قد حمل السلاح. قلت : يا رسول الله صفهم لنا. قال : هم ثلاثة أصناف : صنف منهم أمثال الأرز. قلت : يا رسول الله وما الأرز؟ قال : شجر بالشام طوال. وصنف منهم طولهم وعرضهم سواء ، وهؤلاء الّذين لا يقوم لهم خيل ولا حديد. وصنف منهم يفترش أحدهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى ، ولا يمرّون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلّا أكلوه ، ومن مات منهم أكلوه ، مقدّمتهم بالشام ، وساقتهم بخراسان ، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية».
وفي الكشّاف (٣) : «هم على صنفين : طوال مفرطو الطول ، وقصار مفرطو القصر».
(فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) جعلا نخرجه من أموالنا. وقرأ حمزة والكسائي : خراجا.
وكلاهما واحد ، كالنول والنوال. وقيل : الخراج على الأرض والذمّة ، والخرج المصدر.
__________________
(١) تلعثم في الأمر : توقّف فيه وتأنّى.
(٢) الظليم : الذكر من النعام.
(٣) الكشّاف ٢ : ٧٤٦ ـ ٧٤٧.