الّذين ينفرون (١) معه دون الإناث.
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) أخذا بيد أخيه المسلم يطوف به فيها ، ويفاخره بها. وإفراد الجنّة لأنّ المراد ما هو جنّته ، وهو ما متّع به من الدنيا ، تنبيها على أنّه لا جنّة له غيرها ، ولا حظّ له في الجنّة الّتي وعد المتّقون. أو لاتّصال كلّ واحدة من جنّتيه بالأخرى. أو لأنّ الدخول يكون في واحدة واحدة.
(وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) ضارّ لها بعجبه وافتخاره ، وكفره وكفرانه ، معرّض بذلك نفسه لسخط الله ، وهو أفحش الظلم.
(قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ) أن تفنى (هذِهِ) الجنّة (أَبَداً) لطول أمله ، وتمادي غفلته ، واغتراره بمهلته ، واطّراحه النظر في عواقب أمثاله. ونرى أكثر الأغنياء من المسلمين كذلك ، وإن لم يطلقوا بنحو هذا ألسنتهم ، فإنّ ألسنة أحوالهم ناطقة به ، منادية عليه.
(وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) كائنة (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) أقسم على أنّي إن بعثت ورجعت إلى جزاء ربّي على سبيل الفرض والتقدير ، أو كما زعمت (لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها) من جنّته. وقرأ الحجازيّان والشامي : منهما ، أي : من الجنّتين. (مُنْقَلَباً) مرجعا وعاقبة ، لأنّها فانية ، وتلك باقية. ونصبه على التمييز. وإنّما أقسم على ذلك لاعتقاده أنّه تعالى إنّما أولاه ما أولاه لاستئهاله واستحقاقه إيّاه لذاته ، وهو معه أينما توجّه ، كقوله : (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) (٢). (لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) (٣). وقيل : معناه : لاكتسبنّ في الآخرة خيرا من هذه الّتي اكتسبها في الدنيا.
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ) لأنّه أصل مادّتك ،
__________________
(١) أي : يخرجون معه للحرب.
(٢) فصّلت : ٥٠.
(٣) مريم : ٧٧.