وتخيّر المنفرد بين الجهر والإخفات ، ووجب الإخفات على المأموم.
واستدلّ على وجوب الإخفات على مَن قرأ بجملة من الأخبار المتقدّمة ، وخصّها كلّها بعد تسليمه دلالتها عل وجوب الإخفات ، إماماً كان المصلّي أم مأموماً أم منفرداً بما إذا قرأ المصلّي دون ما إذا سبّح ، وهو تخصيص بلا دليل ، وفرق من غير فارق.
قال رحمهالله بعد أن استدلّ على وجوب الإخفات فيما إذا قرأ المصلّي بجملة من الأخبار الدالّة على وجوب الإخفات مطلقاً ، وخصّها من غير مخصّص بمن قرأ دون من سبّح ـ : بقي الكلام على التسبيح في الأخيرتين حيث لا دخول له في حكم القراءة ؛ لأنه بدل تخييري إلّا إنه من الأذكار ، فحقّه أن يكون المصلّي فيه بالخيار كالقنوت والتشهّد وأذكار الركوع والسجود وإن ترجّح للإمام الجهر به وللمأموم الإخفات به ، والمنفرد فيه باقٍ على الخيار ، إلّا إن هذا الرجحان الثابت فيه للإمام محتمل للوجوب والاستحباب ، فلا تبرأ ذمّة الإمام إلّا بفعله ، كما تدلّ عليه موثّقة أبي بصير : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال ينبغي للإمام أن يسمع مَنْ خلفه كلّ ما يقول ، ولا ينبغي للمأموم أن يسمع الإمام شيئاً ممّا يقول (١).
وذلك أمارة الوجوب للإمام والمأموم ؛ لأنهما وردا في موثّقة أبي بصير على وتيرة واحدة بعبارة مشتركة بين الوجوب والاستحباب في الإمام ، وبين الكراهة والتحريم في المأموم.
ويدلّ عليه أيضاً ظاهر صحيحة محمّد بن قيس : التي فيها كان عليّ عليهالسلام ، يقرأ في أُوليي الظهر سرّاً ويسبّح في الأخيرتين على نحو من صلاة العشاء ، وكان يقرأ في أُوليي العصر سرّاً ويسبّح في الأخيرتين على نحو من صلاة العشاء (٢).
فإن ظاهرها أنه عليهالسلام كان مستمرّاً على الجهر بالتسبيح في الأخيرتين من الظهرين
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ١٠٢ / ٣٨٣ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٠١ ، أبواب التشهّد ، ب ٦ ، ح ٢ ، باختلاف.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٧ / ٣٦٢ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٢٥ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ، ح ٩. بالمعنى.