وثانيهما : ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة ، والمراد بها : قبلة أهل العراق ، ولا بدّ من حمله على أطراف العراق الغربيّة التي قبلتها نقطة الجنوب ، فإن الشمس عند الزوال تكون على دائرة نصف النهار المتّصلة بنقطتي الجنوب والشمال ، فيكون حينئذٍ لمستقبل نقطة الجنوب بين العينين ، فإذا زالت مالت إلى طرف الحاجب الأيمن.
وأمّا أوساط العراق وأطرافها الشرقيّة فقبلتهم تميل عن نقطة الجنوب نحو المغرب ، كما سيأتي ، فلا يعلم الزوال بصيرورة الشمس على الحاجب الأيمن لمستقبلها إلّا بعد مضيّ زمان طويل من أوّل الوقت ) (١) ، انتهى.
وكلام المتن والشارحين كغيرهم نصّ في أن منتصف النهار هو الزوال ، كما دلّت عليه الأخبار ، ولا ينصّف الزوال إلّا ما بين الطلوع والغروب ، فيكون الليل عندهم ما قابل ذلك. وهم لا يقولون بالواسطة الخارجة عن حقيقتيهما ؛ لوضوح فساد القول بذلك ، وشدّة شذوذ القول به في الملّة الإسلاميّة وإن عزاه الداماد : على ما نقله عنه في ( البحار ) (٢) إلى اصطلاح أعاظم علماء الهيئة من أهل الهند.
ونقل عن أبي الريحان البيرونيّ : أنه ذكر في القانون المسعودي أن براهمة الهند ذهبوا إلى أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وكذا ما بين غروب الشمس وغروب الشفق غير داخل في شيء من الليل والنهار ، بل ذلك بمنزلة الفصل المشترك بينهما (٣).
وأن البرجنديّ : أورد ذلك في شرح الزيج الجديد. فإنه مجرّد اصطلاح يكفي في شدّة ضعفه مخالفة أهل الإسلام وغيرهم من الحكماء الأوّلين والآخرين له.
وقال المجلسيّ : في ( البحار ) : ( أوّل وقت الظهر زوال الشمس عن وسط السماء وهو خروج مركزها عن دائرة نصف النهار بإجماع العلماء. نقله في ( المعتبر ) (٤) ،
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٦٤ ـ ٦٦.
(٢) انظر بحار الأنوار ٨٠ : ٨٤.
(٣) بحار الأنوار ٨٠ : ١٠٦.
(٤) المعتبر ٢ : ٢٧.