ثمّ قال : ( فصل : واعلم أن الميزان على ضربين : ضرب تعتبر به الأقدام وهو ما ذكرناه ، وضرب يعتبر به الأصابع. ولا فرق بينهما في الصنعة (١) ، وإنما الفرق بينهما في القسمة ، فإن قسمة ميزان الأقدام على جزء من ستّة أجزاء ونصف جزء من الميل ، وهو المسمّى بالقدم ، وقسمة ميزان الأصابع على جزءاً من اثني عشر جزءاً ممّا صغر وكبر. ولسنا نعني إصبع الكفّ لأن قسمة كلّ شيء عندهم اثنا عشر إصبعا ، أو أربعة وعشرون.
وقد عرفتك الزوال بميزان الأقدام. فإذا أردت اعتبار الزوال والساعات بميزان الأصابع فاستدبر به الشمس ، وانظر على كم يقع ظلّ الميل من إصبع ، وزد عليه طول الميل وهو اثنا عشر إصبعاً وأسقط من الجميع ظلّ زوال يومك ، فما بقي بعد الإسقاط فاجعله مكيالاً وكِل به اثنين وسبعين ، فما حصل فهي ساعات قد مضت من النهار إن كان قبل الزوال ، وإن كان بعده فهي ما بقي منه. وما حصل كسراً فهو من الساعة التي أنت فيها على حصّة المكيال ، فإن كنت قبله فالكسر الداخل منها ، وإن كنت بعده فالكسر الباقي ).
ثمّ قال : ( فصل : في معرفة ساعات الليل مطّرداً في البلدان والأزمان : اعلم أني نظرت إلى منازل القمر ، فإذا هي يطلع في كلّ ليلة منها إلى طلوع الفجر اثنا عشر منزلاً ويغيب مثلها ، كلّما طلع منزل غرب منزل لا يختلف مدى الدهر ، فقسّموا ليل الصائم على اثني عشر جزءاً ، وقالوا : كلّما طلع منزل فقد مضى من الليل جزء من اثني عشر جزءاً ، وكذا في السقوط.
ومن الناس من يعتبر ساعات الليل بالمتوسّط من المنازل ، وقد عرّفتك أنه متى طلع منزل من المشرق غرب رقيبه من المغرب ، لكن قد يدرك المراقب رقيبه في بعض المنازل فتراهما يتناظران. وقد أنشدوا في معرفة مراقبة المنازل :
__________________
(١) من « ق » ، وفي « م » : ( الصيغة ).