وهي غير منطبقة إلّا على أن النهار من الطلوع إلى الغروب ، والليل من الغروب إلى الطلوع ، فسقط اعتراضه على الجعفيّ. وأيضا فهو قد سلّم أن من غياب الشمس إلى طلوعها أربع عشرة منزلة ، ومن طلوعها إلى غروبها أربع عشرة منزلة ، فللّيل أربع عشرة منزلة ، وللنهار أربع عشرة منزله. فإذا كان للنهار أربع عشرة منزلة لزم أن يكون للّيل مثلها بمقتضى المقابلة ، فلزم أن الليل إلى الطلوع ، والنهار من الطلوع ، فسقط اعتراضه على الجعفيّ. إلا أن يلتزم خروج ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس عن حقيقة الليل وعن حقيقة النهار ، وأنها ليست من ساعاتهما حقيقة ، وإنما هي حقيقة أُخرى خارجة عنهما بالكلّيّة.
ولا أظنّ أن أحداً من البشر يقول بذلك ، بل النصّ والإجماع من كلّ ذي علم على عدم خروجه عنهما إلّا ما حكاه بعض الشافعيّة عن يحيى بن سعيد الزبيريّ ، وأبي محمّد العبديّ ، وأبي العبّاس الصفّار ، وأبي جعفر البصريّ ، ولم يثبت.
ولو صحّ لم يضرّ بالإجماع قبلهم وبعدهم ، ولا يعارض قولهم شيئاً ممّا قدّمناه ؛ لشذوذه وندوره ، فسقط ما قاله في معارضته للجعفيّ : كلّه.
وقال صاحب كتاب ( اليواقيت في معرفة المواقيت ) وقد زعم مؤلّفه ، وهو من أئمّة الشافعيّة أنه استخرجه من نيّف وخمسين كتاباً ، بعد أن قرّر معرفة الزوال بطريق زيادة الظلّ بعد نقصانه ـ : ( فإذا قدّرت الظلّ ، ورأيته قد ابتدأ في الزيادة فأوّل ما يبتدئ وتراه يقيناً فاعلم أن الشمس قد زالت ودخل الوقت ، فاعرف الظلّ كم هو من قدم حينئذٍ وصلّ الاولى ، وما من الظلّ في الميزان فهو مثل ظلّ الرجل ، والميزان أصحّ وأسرع ).
إلى أن قال : ( فصل : نذكر فيه صفة الميزانين اللذين يتوصل بهما إلى معرفة الزوال على السهولة : اعلم أن الميزان هو أن تأخذ قطعة من خشب طولها نصف شبر ، وعرضها إصبعان من كلّ جهة يسمّونها ميلاً في ميل وتأخذ ميلين مربّعين طول كلّ واحد منهما ثلاثة أصابع ، فتنزلهما في طرفي الخشبة تنزيلاً صحيحاً حتّى