ورأيت في حواشي ( الفقيه ) على هذا الخبر ما صورته : ( لعلّ المراد بالنجوم هي التي طلعت في أوّل الليل من موضع تطلع منه الشمس في يوم كان على مقدار ذلك الليل. فإذا فرضنا أن الليل المفروض تسع ساعات ، اعتبر مطلع الشمس في يوم كان تسع ساعات. ويمكن استعلام ذلك بمطلع الشمس ، فإن طلعت على مشرق الاعتدال اعتبر كوكب يطلع منه ، وإن كان مشرقها جنوبيّا اعتبر كوكب شماليّ بعد مشرقه عن مشرق الاعتدال في الشمال بمثل بعد مشرق الشمس عنه في الجنوب ، وإن كان مشرقها شماليّاً فبالعكس والانحدار الانهباط ). ونسب هذا الكلام للملّا مراد رحمهالله.
ولا يخفى ما فيه من الخفاء بحيث يحصل القطع بأن معنى الخبر غيره ، فإنه لا يعرفه إلّا الأوحديّ في الفلكيّات والتقويم بشرط استعمال الآلات التي يضبط بها حركات الكواكب ، ودرج الفلك وعروض الآفاق. والتكليف بمعرفة انتصاف الليل الّذي عليه مدار تكليفات كثيرة في الحجّ وغيره ، وأعمّها معرفة آخر وقت العشاء وأوّل وقت نافلة الليل ، فلا تكون علامته وآيته اللازمة له إلّا جليّة يعرفها عامة المكلّفين ؛ إذ لو كلّف العامّة بما لا يعرفه إلّا أفراد قليلة من خاصّة الخاصّة ، لكان تكليفاً بالمحال أو قل : تكليفٌ بدون بيان.
والذي ظهر لي أنه عليهالسلام إنما أراد انحدار رقيب منزلة الشمس من المنازل المعروفة عند عامّة المكلّفين ، فإن أكثر المكلّفين يعرف منازل الشمس والقمر من منطقة البروج ، فإن رقيب منزلة الشمس من المنازل ، وهي التي تطلع إذا غابت منزلة الشمس ككفّتي ميزان فإنها تزول عن سَمت الرأس ، ودائرة نصف النهار ونصف الليل أبداً في كلّ برج وكلّ يوم من أيّام السنة في كلّ صقع وبلد من المعمور على وجه التحقيق لا التقريب. وهذه آية واضحة عامّة شاملة توافق عموم التكليف.
فإن قلتَ : في البشر من لا يعرف المنازل.
قلتُ : وفيهم من لا يعرف زوال الحمرة المغربيّة ولا غروب الشمس ، وهذا لا يدور عليه التكليف ولا يخلّ بعمومه ، بل جعل الشارع لمثل هذا سبيلاً آخرَ ، هو الرجوع