يعني في قولهم ( أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ ) (١). فدلّ ظاهر الآية على أن أهل النار مُؤاخذون بنيّاتهم التي ما أقلعوا عنها ، وظاهرها يعمّ نيّات الكفر والمعاصي.
ويدلّ عليه أيضاً ظاهر قوله تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ) (٢) حيث علّق التعذيب على الإرادة.
ومن الأخبار الّتي تؤيّد هذا الظاهر ما في ( الكافي ) عن جعفر بن محمَّد عليهماالسلام : في هذه الآية أنه قال : إنها نزلت فيهم من حيث دخلوا الكعبة ، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليهالسلام ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليَّه ، فبعداً للقوم الظالمين (٣).
فإن الظاهر أن منويّهم إنما أرادوا أن يفعلوه ظاهراً بعد موت الرسول صلىاللهعليهوآله : فإنهم على ذلك منذ كلّفوا باطناً في عقائدهم ونيّاتهم ، فأخبر الله تعالى أنهم ذائقو العذاب الأليم بمجرّد تلك النيّة والعزم الذي تعاهدوا عليه في الكعبة.
ومن الأخبار أيضاً عموم ما جاء عنهم عليهمالسلام إن مَنْ أسرَّ سريرة ردّاه الله رداءها (٤).
ومنها ما جاء عنهم عليهمالسلام أن الإنسان إذا هَمّ بكذبة تباعد عنه الملكان ميلاً لنتن ما يخرج من فيه ؛ إذ ذلك النتن إنما هو لَمِن ظلمة المعصية وبعض صفاتها الذميمة.
ومنها ما في ( الكافي ) بسنده عن عبد الله بن موسى بن جعفر : عن أبيه عليهمالسلام قال : سألته عن الملكين : هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله ، أو الحسنة؟ فقال ريح الكنيف وريح الطيب سواء؟
قلت : لا. قال إن العبد إذا هَمَّ بالحسنة خرج نَفَسُه طيّب الريح ، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال : قم فإنَّه قد هَمَّ بالحسنة ، فإذا فَعَلَها كان لسانه
__________________
(١) فاطر : ٣٧.
(٢) الحجّ : ٢٥.
(٣) الكافي ١ : ٤٢١ / ٤٤ ، ولم يرد فيه : « إنها ».
(٤) الكافي ٢ : ٢٩٤ / ٦ ، وسائل الشيعة ١ : ٥٧ ، أبواب مقدِّمة العبادات ، ب ٧ ، ح ١ : ٦٥ ، أبواب مقدِّمة العبادات ، ب ١١ ، ح ٥.