بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم.
فإن قال قائل : إن الله عزوجل قال ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ) (١) ، قيل له : إنهم كانوا موتى ، وقد قال الله تعالى ( يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) (٢) ، وما قالوا كذلك ، إلّا إنهم قد كانوا موتى.
فقد صحّ أن الرجعة كانت في الأُمم السالفة ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يكون في هذه الأُمَّة مثل ما يكون في الأُمم السالفة ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة.
فيجب على هذا الأصل أن يكون في هذه الأُمور رجعة.
وقد نقل مخالفونا أنه إذا خرج المهدي : نزل عيسى بن مريم عليهالسلام : فصلّى خلفه ، ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته ؛ لأن الله عزوجل قال ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ ) (٣).
وقد قال الله عزوجل ( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (٤) ، وقال الله عزوجل ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (٥) ، فاليوم الذي يحشر فيه الجميع غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
وقال الله عزوجل ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (٦) ، يعني : في الرجعة ، وذلك أنه يقول ( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) (٧) ، والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة.
وساجرّد في الرجعة كتاباً ، أُبيّن فيه كيفيّتها والدلالة على صحّة كونها إن شاء الله تعالى. والقول بالتناسخ باطل ، ومن دان بالتناسخ فهو كافر ؛ لأن التناسخ إبطال الجنّة
__________________
(١) الكهف : ١٨.
(٢) يس : ٥٢.
(٣) آل عمران : ٥٥.
(٤) الكهف : ٤٧.
(٥) النحل : ٨٣.
(٦) النحل : ٣٨.
(٧) النحل : ٣٩.