وخمسين ألف مقاتل ، فأمر بالقبض عليَّ وعلى أخي الحسين : وسائر إخواني وأهل بيتي وشيعتنا وموالينا ، وأن يأخذ البيعة علينا لمعاوية ، فمن أبى ضُربت عنقه ، وسيِّر إلى معاوية رأسه. فلمّا علمت ذلك من معاوية خرجت من حيني إلى جامع [ الكوفة للصلاة (١) ] ورقأت المنبر واجتمع الناس ، فحمدت الله وأثنيت عليه.
وساق خطبة بليغة جدّاً أمر فيها أهل الكوفة ونهى ، وذكر فيها حالهم معه وخذلانهم إيّاه ونصرتهم لعدوّه غير عشرين رجلاً ، وما جرى عليه من عدوّه.
إلى أن قال الصادق عليهالسلام : ثمّ يقوم الحسين عليهالسلام : مخضّباً بدمائه هو وجميع من قتل معه ، فإذا رآه رسول الله صلىاللهعليهوآله : بكى بكاءً شديداً ، وبكى أهل السماوات والأرضين لبكائه ، وتصرخ فاطمة : صلوات الله عليها فتزلزل الأرض ومن عليها. ويقف أمير المؤمنين : والحسن : عن يمينه وفاطمة : عن شماله ، ويقبل الحسين عليهالسلام : فيضمّه رسول الله صلىاللهعليهوآله : إلى صدره ، ويقول : يا حسين ، قَرّت عيناك وعيناي فيك.
وعن يمين الحسين : حمزة : أسد الله في أرضه وعن شماله جعفر بن أبي طالب الطيّار ، ويأتي محسن : تحمله خديجة بنت خويلد : وفاطمة بنت أسد : أم أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهنَّ صارخات ، وفاطمة : امُّه تقول ( هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (٢) ، ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ، وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ) (٣).
قال : فبكى الصادق عليهالسلام : حتّى خضبت لحيته بالدموع ، ثمّ قال : لا بكت عين لا تبكي عند هذا الذكر.
وبكى المفضّل : طويلاً ، الخبر.
إلى أن قال المفضّل : يا مولاي ، ثمّ ماذا؟ قال الصادق عليهالسلام : تقوم فاطمة : بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتقول : اللهمَّ أنجز وعدك لي ممَّن ظلمني وغصبني وضربني وفجعني بكلِّ أولادي.
__________________
(١) من المصدر ، وفي المخطوط : « الصلاة بالكوفة ».
(٢) الأنبياء : ١٠٣.
(٣) آل عمران : ٣٠.