العبادة تقع بها معتبرة ، وهي أكمل مراتب الإخلاص ، وإليه أشار الإمام الحق أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بقوله : (ما عبدتك طمعا في جنتك ، ولا خوفا من نارك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك) (١).
وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الأصحاب (٢) يكون العبادة فاسدة بقصدها. وكذا ينبغي أن تكون غاية الحياء والشكر وباقي الغايات.
والظاهر أن قصدها مجز ، لأن الغرض بها في الجملة ، ولا يقدح كون تلك الغايات باعثا على العبادة ، أعني : الطمع ، والرجاء ، والشكر والحياء ، لأن الكتاب والسنة مشتملتان على المرهبات : من الحدود ، والتعزيرات ، والذم ، والإيعاد بالعقوبات ، وعلى المرغبات : من المدح والثناء في العاجل والجنة ونعيمها في الآجل.
وأما الحياء فغرض مقصود ، وقد جاء في الخبر عن النبي صلىاللهعليهوآله : (استحيوا من الله حق الحياء) (٣) و (أعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فإنه يراك) (٤). فإنه إذا تخيل الرؤية انبعث على الحياء والتعظيم والمهابة.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام ـ وقد قال له ذعلب اليماني ـ بالدال
__________________
(١) لم أعثر على هذا في المراجع المتقدمة عن عصر المؤلف ، وإنما رواه مرسلا كل من الفيض الكاشاني في ـ الوافي : ٣ ـ ٧٠ ، والمجلسي في ـ مرآة العقول : ٢ ـ ١٠١ (بتقديم وتأخير بين بعض فقراته).
(٢) انظر : العلامة الحلي ـ المسائل المهنائية : ورقة ٢٩ ب ، و ٣٢ ـ ٣٣ (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، ضمن مجموع برقم ١١٠٧).
(٣) انظر : صحيح الترمذي : ٩ ـ ٢٨١.
(٤) انظر : المتقي الهندي ـ كنز العمال : ٢ ـ ٦ ، حديث : ١٢٤.