والإبراء عن المجهول يصح على الإسقاط ، ويبطل على التمليك.
ولو قال لمن اغتابه : قد اغتبتك ، ولم يبيّن الغيبة ، فأبرأه يمكن القول بالصحّة ، لأنه هنا إسقاط محض. والأقرب المنع ، للاختلاف في الأغراض ، والرضا بالمجهول لا يمكن.
ولو كان له على جماعة دين فقال : أبرأت أحدكم ، فعلى التمليك لا يصح قطعا ، وعلى الإسقاط يمكن الصحة ويطالب بالبيان (١).
ومنه : الحوالة هل هي استيفاء وإقراضه المحال عليه ، أو هي اعتياض عما كان في ذمة المحيل بما في ذمة المحال عليه؟ وله فروع كثيرة مشهورة (٢).
ومنه : ما هو متردد بين القرض والهبة ، كقوله : أعتق عبدك عني ، ولم يذكر العوض ، أو : أقضي ديني ، ولم يذكر الرجوع ، فهل يرجع في الموضعين بالعوض ، كالقرض أو لا ، كالهبة؟
ولو دفع إليه مالا وقال : انجر في حانوتي لنفسك ، أو بذرا وقال : أزرعه في أرضى لك ، فهو معير للحانوت والأرض ، وهل المال قرض أو هبة؟
ولو دفع إلى فقير دراهم وقال : اشتر بها قميصا لك ، فهل يكون هبة أو قرضا؟ يقوى الهبة هنا ، عملا بالقرينة ، وليس له العدول إلى شراء غير (٣) القميص بها قطعا ، إلا أن يكون قوله على سبيل التبسط (٤) ، فيتصرف كيف شاء.
__________________
(١) انظر في فروع الإبراء : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ١٨٩.
(٢) انظر هذه الفروع في الأشباه والنّظائر للسيوطي : ١٨٧ ـ ١٨٩.
(٣) في (ك) : عين ، وما أثبتناه هو الأنسب بمقتضى السياق.
(٤) أي على سبيل التوسعة والترفيه.